كييف تناشد بكين ونيودلهي للضغط على موسكو لوقف استهداف منشآت الطاقة
في خطوة دبلوماسية لافتة، وجهت أوكرانيا نداءً مباشراً إلى كل من الصين والهند، مطالبة إياهما باستخدام نفوذهما لدى موسكو للمساعدة في وقف الهجمات الروسية الممنهجة التي تستهدف البنية التحتية للطاقة في البلاد. تأتي هذه المناشدة في وقت تتصاعد فيه الهجمات الجوية الروسية، مما يهدد بإغراق ملايين المدنيين الأوكرانيين في الظلام والبرد مع اقتراب فصل الشتاء، ويسلط الضوء على الأبعاد الجيوسياسية المعقدة للصراع.
خلفية الهجمات على قطاع الطاقة
منذ أواخر عام 2022، كثفت القوات الروسية من استهدافها لشبكة الكهرباء والمياه والتدفئة في أوكرانيا، معتبرة إياها أهدافاً عسكرية استراتيجية تهدف إلى إضعاف القدرة القتالية للبلاد والتأثير على معنويات السكان. استخدمت روسيا في هذه الهجمات ترسانة متنوعة من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة، مما ألحق أضراراً بالغة بمحطات توليد الكهرباء والمحولات والخطوط الرئيسية للنقل. وقد أدت هذه الاستراتيجية إلى انقطاعات واسعة النطاق في التيار الكهربائي، مما أثر على كل جوانب الحياة اليومية للمدنيين، من المستشفيات والمدارس إلى توفر المياه الصالحة للشرب والتدفئة المنزلية.
الدوافع وراء المناشدة الأوكرانية
يعكس اختيار أوكرانيا للصين والهند على وجه التحديد تحولاً في استراتيجيتها الدبلوماسية التي تسعى لحشد الدعم خارج نطاق حلفائها الغربيين التقليديين. وتستند كييف في مناشدتها على عدة اعتبارات رئيسية:
- النفوذ الاقتصادي: تُعد الصين والهند من أكبر الشركاء التجاريين لروسيا، خاصة في مجال الطاقة، حيث زادتا من وارداتهما من النفط والغاز الروسي بأسعار مخفضة منذ بدء الحرب. ترى كييف أن هذا النفوذ الاقتصادي يمكن أن يُترجم إلى ضغط سياسي على الكرملين.
- المواقف السياسية: رغم أن بكين ونيودلهي لم تدعما العقوبات الغربية ضد موسكو، إلا أنهما دعتا مراراً إلى حل دبلوماسي للصراع واحترام سيادة الدول. تحاول أوكرانيا البناء على هذه المواقف المعلنة لحثهما على اتخاذ خطوات عملية أكثر حسماً.
- العلاقات مع الجنوب العالمي: تسعى أوكرانيا إلى كسب تأييد دول ما يُعرف بـ "الجنوب العالمي"، والتي حافظ الكثير منها على علاقات وثيقة مع روسيا. وتعتبر الصين والهند بوابتين رئيسيتين للتأثير في هذا التكتل المهم من الدول.
موقف الصين والهند وردود الفعل
حتى الآن، لم يصدر رد فعل رسمي ومباشر من بكين أو نيودلهي على هذه المناشدة الأوكرانية الأخيرة. ومع ذلك، فإن مواقفهما السابقة تشير إلى أنهما ستستمران في اتباع نهج حذر يوازن بين علاقاتهما الاستراتيجية مع موسكو ودعواتهما العامة للسلام. لطالما أكدت الصين على ضرورة التوصل إلى حل سياسي، وقدمت مبادرة سلام خاصة بها، بينما ركزت الهند على أهمية الحوار والدبلوماسية، مع تجنب إدانة روسيا بشكل صريح في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة. يرى المراقبون أن أي تغيير في موقف هاتين القوتين سيكون بطيئاً وتدريجياً، وسيتأثر بشكل كبير بمصالحهما الوطنية في المقام الأول.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تكمن أهمية هذه الخطوة في أنها تضع الكرة في ملعب قوتين عالميتين رئيسيتين لديهما القدرة على التأثير في مسار الصراع. إن استهداف البنية التحتية للطاقة لا يمثل فقط أزمة إنسانية لأوكرانيا، بل يهدد أيضاً استقرار أسواق الطاقة العالمية ويزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي. إن استجابة الصين والهند لهذا النداء، أو عدمها، ستكون مؤشراً واضحاً على مدى استعدادهما للعب دور أكثر فاعلية في حل الأزمة، كما ستكشف عن حدود نفوذهما على حليفتهما الاستراتيجية، روسيا.




