مستجدات قضية الإيجار القديم: محكمة القضاء الإداري تحدد أولى جلسات نظر دعوى تعديل القانون
شهد ملف قانون الإيجار القديم في مصر تطوراً قضائياً هاماً، حيث حددت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة جلسة للنظر في دعوى قضائية تطالب بإلزام الحكومة بتقديم مشروع قانون جديد إلى مجلس النواب لتعديل أحكامه. وتمثل هذه الخطوة حلقة جديدة في سلسلة المحاولات التشريعية والقضائية لحل هذه القضية المعقدة التي تؤثر على ملايين الملاك والمستأجرين في البلاد.

خلفية عن أزمة قانون الإيجار القديم
يعود أصل قانون الإيجار القديم إلى سلسلة من التشريعات التي صدرت في منتصف القرن العشرين بهدف توفير السكن بأسعار معقولة في ظل ظروف اقتصادية صعبة. وقد أدت هذه القوانين إلى تجميد القيمة الإيجارية للعقارات السكنية وغير السكنية، ومنحت المستأجرين حماية واسعة ضد الإخلاء، مع امتداد عقود الإيجار تلقائياً لورثتهم في كثير من الحالات. مع مرور الزمن، خلقت هذه الأوضاع فجوة هائلة بين القيم الإيجارية الاسمية والقيمة السوقية الحقيقية، مما أدى إلى نزاع اجتماعي واقتصادي مستمر بين طرفي العلاقة الإيجارية.
في السنوات الأخيرة، بدأت الدولة في التحرك لمعالجة التشوهات الناتجة عن هذا القانون. كان أبرز هذه التحركات هو إصدار القانون رقم 10 لسنة 2022، الذي نظم العلاقة الإيجارية للأماكن غير السكنية (التجارية والإدارية)، حيث وضع فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تنتهي في عام 2027، يتم بعدها تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، مع زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية خلال هذه الفترة. إلا أن هذا التعديل لم يشمل الوحدات السكنية، التي لا تزال تشكل الجزء الأكثر تعقيداً وحساسية في القضية.
تفاصيل الدعوى القضائية الجديدة
الدعوى الأخيرة التي تنظرها محكمة القضاء الإداري، والمقامة من قبل أحد المحامين وكيلاً عن مواطن متضرر، تستند إلى حجة أن استمرار الوضع الحالي يمثل إخلالاً بمبادئ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص التي أقرها الدستور. تطالب الدعوى بشكل أساسي بإلزام رئيس مجلس الوزراء بصفته بتقديم مشروع قانون جديد يعالج العلاقة الإيجارية في الوحدات السكنية. ومن بين المقترحات التي تثيرها مثل هذه الدعاوى بشكل عام:
- ربط استمرار عقد الإيجار بحاجة المستأجر الفعلية للسكن.
- النص على إخلاء الوحدة السكنية في حال ثبوت امتلاك المستأجر أو زوجه أو أولاده القصر وحدة سكنية بديلة ومناسبة في نفس المحافظة.
- وضع آلية لتحديد قيمة إيجارية عادلة تقترب من القيمة السوقية، مع مراعاة البعد الاجتماعي للحالات غير القادرة.
وقد حددت المحكمة جلسة 8 نوفمبر المقبل كأولى جلسات نظر هذه الدعوى، مما يعكس جدية التعاطي القضائي مع الملف. ويترقب الملايين من الملاك والمستأجرين مسار هذه الدعوى، حيث يمكن أن تمهد الطريق لتدخل تشريعي طال انتظاره.
الأبعاد الاجتماعية والتأثير المتوقع
تكمن أهمية هذه القضية في تأثيرها المباشر والعميق على شريحة واسعة من المجتمع المصري. فمن ناحية، يرى الملاك أنهم يعانون من ظلم تاريخي حرمهم من الاستفادة من ممتلكاتهم، وأن القيم الإيجارية الزهيدة لا تكفي حتى لتغطية تكاليف صيانة العقارات، مما يهدد الثروة العقارية نفسها بالانهيار. ومن ناحية أخرى، يتمسك المستأجرون بحقهم في السكن، مؤكدين أن أي تعديل مفاجئ أو غير مدروس قد يؤدي إلى تشريد ملايين الأسر، خاصة من كبار السن وذوي الدخل المحدود، الذين لن يتمكنوا من تحمل تكاليف الإيجارات الجديدة في السوق الحالي. لذا، فإن أي حل يجب أن يوازن بين حقوق الملكية الخاصة والبعد الاجتماعي لضمان استقرار المجتمع.





