مصر تتصدر جهود احتواء الأزمة في غزة عبر قمة القاهرة للسلام
في خضم التوترات المتصاعدة في قطاع غزة، برزت مصر كلاعب دبلوماسي محوري، حيث قادت جهودًا دولية مكثفة بهدف احتواء الصراع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وتوجت هذه الجهود باستضافة القاهرة لـ"قمة القاهرة للسلام" في أكتوبر 2023، والتي جمعت عدداً من قادة الدول والمنظمات الدولية لمناقشة سبل إنهاء الأزمة.

قمة القاهرة للسلام: تفاصيل وأهداف
عُقدت القمة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بهدف رئيسي وهو بناء إجماع دولي على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وتأمين ممرات آمنة ومستدامة لإدخال المساعدات الإغاثية العاجلة إلى القطاع المحاصر. كما شددت المبادرة المصرية على الرفض القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء داخل غزة أو خارجها، معتبرة ذلك تصفية للقضية الفلسطينية وتهديدًا للأمن القومي المصري والإقليمي.
شهدت القمة حضورًا دوليًا وإقليميًا واسعًا، حيث شارك فيها قادة وزعماء وممثلون رفيعو المستوى من مختلف الدول، من بينهم:
- العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
- قادة ومسؤولون من دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة، السعودية، وقطر.
- ممثّلون عن دول أوروبية ومنظمات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ورغم الحضور المكثف، لوحظ غياب تمثيل رفيع المستوى من الولايات المتحدة وإسرائيل، مما أثر على قدرة القمة على الخروج بقرارات حاسمة وملزمة لجميع الأطراف المعنية مباشرة بالصراع.
المواقف المتباينة والتحديات
واجهت القمة تحديًا كبيرًا تمثل في تباين المواقف بين الدول المشاركة، خاصة بين الدول العربية والغربية. ففي حين ركزت الدول العربية على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العسكرية وإدانة استهداف المدنيين في غزة، شددت بعض الدول الغربية على ضرورة إدانة هجمات حركة حماس التي سبقت التصعيد، والتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس. هذا الانقسام حال دون التوصل إلى بيان ختامي مشترك، وهو ما عكس حجم الخلافات الدولية حول كيفية التعامل مع الأزمة.
السياق والأهمية الاستراتيجية
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في سياق الدور التاريخي الذي تلعبه مصر كوسيط رئيسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وبفضل حدودها المشتركة مع قطاع غزة وسيطرتها على معبر رفح، المنفذ الوحيد للقطاع الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، تحتل مصر موقعًا استراتيجيًا فريدًا يجعلها طرفًا لا غنى عنه في أي جهود إنسانية أو سياسية. وقد أكدت الأزمة الحالية على أهمية هذا الدور، حيث أصبحت مصر بوابة الأمل لإدخال المساعدات الغذائية والطبية والوقود إلى أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.
تُظهر استضافة قمة القاهرة للسلام، على الرغم من عدم تحقيقها لنتائج فورية، إصرار مصر على تفعيل المسار الدبلوماسي ورفض الحلول العسكرية. كما أنها تمثل منصة مهمة لتأكيد الموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الفلسطينيين، والداعي إلى إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة.





