مصر تستضيف قمة القاهرة للسلام لبحث التصعيد في غزة وسبل إيصال المساعدات
في استجابة دبلوماسية عاجلة للأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، استضافت مصر في 21 أكتوبر 2023، قمة القاهرة للسلام، وهو اجتماع دولي رفيع المستوى عُقد في العاصمة الإدارية الجديدة. جمعت القمة قادة ورؤساء حكومات وممثلين من أكثر من ثلاثين دولة ومنظمة دولية، بهدف رئيسي هو البحث عن سبل لوقف التصعيد العسكري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع المحاصر.

خلفية وأسباب الانعقاد
جاءت الدعوة لهذه القمة في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وما تلاه من إعلان إسرائيل الحرب وشنها لعمليات عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة. أدت هذه العمليات إلى حصار كامل وقطع للإمدادات الأساسية، مما تسبب في أزمة إنسانية كارثية وتصاعد أعداد الضحايا المدنيين. وفي ظل هذا الوضع الحرج، تحركت الدبلوماسية المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للدعوة إلى اجتماع دولي يهدف إلى احتواء الأزمة ومنع امتدادها إقليميًا.
أهداف القمة والمشاركون
تركزت أهداف القمة حول عدة محاور أساسية، سعت من خلالها الدول المشاركة إلى تحقيق توافق دولي بشأنها. شملت هذه الأهداف:
- العمل على وقف إطلاق النار وخفض التصعيد لحماية أرواح المدنيين من الجانبين.
- ضمان وصول المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية إلى قطاع غزة بشكل فوري ومستدام.
- التأكيد على الرفض القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء داخل غزة أو خارجها.
- إعادة إحياء مسار عملية السلام استنادًا إلى حل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
شهدت القمة حضورًا دوليًا وعربيًا لافتًا، حيث شارك فيها قادة بارزون مثل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإضافة إلى قادة ورؤساء وزراء من الإمارات، وقطر، والبحرين، وإسبانيا، واليونان، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل. ومع ذلك، كان الغياب الأبرز لممثلين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما اعتبره المراقبون عاملاً مؤثرًا قلل من فرص التوصل إلى نتائج عملية فورية.
تباين المواقف وغياب البيان الختامي
عكست كلمات القادة المشاركين انقسامًا واضحًا في المواقف الدولية تجاه الأزمة. ففي حين ركزت الكلمات العربية والإقليمية، وعلى رأسها كلمة الرئيس المصري، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدانة استهداف المدنيين دون تمييز، والتحذير من خطورة تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري، اتخذت المواقف الغربية منحى مختلفًا. حيث شدد الممثلون الأوروبيون على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، مع الدعوة إلى هُدن إنسانية لإدخال المساعدات، لكن دون دعم دعوات وقف إطلاق النار الشامل، مع إصرارهم على ضرورة إدانة هجمات حماس بشكل صريح في أي بيان مشترك.
أدى هذا التباين الحاد في وجهات النظر إلى اختتام القمة دون التوصل إلى إصدار بيان ختامي مشترك. ورغم ذلك، لم يعتبر المنظمون ذلك فشلاً، بل أكدوا أن القمة نجحت في توفير منصة هامة لتبادل الرؤى وتوضيح الخطوط الحمراء، خصوصًا فيما يتعلق بملف التهجير الذي حظي بإجماع عربي وإقليمي على رفضه.
الأهمية والتأثير الدبلوماسي
على الرغم من عدم صدور بيان مشترك، شكلت قمة القاهرة للسلام محطة دبلوماسية مهمة في مسار الأزمة. لقد سلطت الضوء بوضوح على حجم الانقسام الدولي حول كيفية التعامل مع الصراع، كما نجحت في بلورة موقف عربي موحد يرفض أي حلول أمنية على حساب الحقوق الفلسطينية. كما عززت القمة الضغط الدولي لفتح معبر رفح بشكل مستدام أمام المساعدات الإنسانية، وهو ما تحقق جزئيًا في الأيام التي تلتها. وبهذا، مثلت القمة خطوة أولى في حراك دبلوماسي طويل ومعقد يهدف إلى إنهاء الحرب ومعالجة جذور الصراع.





