معركة بوكروفسك: تقدم روسي يهدد سيطرة أوكرانيا على دونباس
تتجه الأنظار نحو مدينة بوكروفسك الاستراتيجية في إقليم دونيتسك، حيث تتركز أعنف المعارك الدائرة حالياً في شرق أوكرانيا. يمثل التقدم الذي أحرزته القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة تهديداً خطيراً للقوات الأوكرانية، وقد يشكل نقطة تحول حاسمة في الصراع المستمر للسيطرة على كامل منطقة دونباس، وهو هدف رئيسي لموسكو منذ بداية الغزو الشامل.

الأهمية الاستراتيجية لبوكروفسك
تكتسب مدينة بوكروفسك أهميتها من كونها مركزاً لوجستياً وعسكرياً حيوياً للجيش الأوكراني. فهي تعد عقدة مواصلات رئيسية، حيث تلتقي فيها خطوط السكك الحديدية والطرق التي تستخدمها أوكرانيا لإمداد قواتها المنتشرة على خط الجبهة في دونيتسك. إن السيطرة على المدينة ستقطع هذه الشرايين الحيوية، مما يعقد بشكل كبير عمليات الدفاع الأوكرانية في المنطقة.
علاوة على ذلك، تمثل بوكروفسك ركيزة أساسية في الخط الدفاعي الذي أقامته أوكرانيا بعد سقوط مدينة أفدييفكا في فبراير 2024. ويعتبر المحللون العسكريون أن سقوطها سيؤدي إلى انهيار هذا الخط الدفاعي، مما يفتح الطريق أمام القوات الروسية للتقدم غرباً نحو آخر أكبر معاقل أوكرانيا في الإقليم، وهي مدن كراماتورسك وسلوفيانسك.
التطورات الميدانية الأخيرة
منذ السيطرة على أفدييفكا، استغلت القوات الروسية الزخم لمواصلة تقدمها غرباً، معتمدة على التفوق في القوة النارية والعدد. وخلال الأشهر الماضية، تمكنت من السيطرة على سلسلة من القرى والبلدات الصغيرة، مقتربة بشكل مطرد من ضواحي بوكروفسك. من أبرز هذه التطورات:
- السيطرة على بلدة أوتشيريتيني، مما سمح للقوات الروسية بتوسيع نطاق هجومها وخلق تهديد مباشر من الشمال.
- التقدم المستمر على طول خط السكة الحديدية الرئيسي المؤدي مباشرة إلى المدينة.
- تكثيف الهجمات باستخدام القنابل الانزلاقية الموجهة والمدفعية الثقيلة لتمهيد الطريق أمام القوات البرية وإضعاف التحصينات الأوكرانية.
تشير التقارير الواردة من ساحة المعركة إلى أن القتال يدور الآن على أطراف المدينة الشرقية، حيث تبذل الوحدات الأوكرانية جهوداً مضنية لصد الهجمات المتتالية في ظل ظروف بالغة الصعوبة.
السياق الأوسع للصراع في دونباس
تندرج معركة بوكروفسك ضمن استراتيجية روسيا طويلة الأمد للسيطرة الكاملة على إقليمي دونيتسك ولوهانسك، اللذين يشكلان منطقة دونباس الصناعية. ورغم المقاومة الشرسة التي أبدتها أوكرانيا على مدار أكثر من عامين، تواصل روسيا ممارسة ضغط عسكري هائل، محولة الصراع إلى حرب استنزاف تهدف إلى إنهاك القوات والموارد الأوكرانية. يرى الخبراء أن هذا التكتيك، القائم على تحقيق مكاسب تدريجية ومكلفة، هو ما مكن روسيا من الوصول إلى عتبة بوكروفسك.
التداعيات المحتملة
إن سقوط مدينة بوكروفسك، إذا حدث، ستكون له تداعيات خطيرة على مسار الحرب. من الناحية العسكرية، سيجبر أوكرانيا على التراجع إلى خطوط دفاعية جديدة أقل تحصيناً، مما يمنح روسيا ميزة استراتيجية كبيرة. أما من الناحية المعنوية، فسيمثل خسارة رمزية كبيرة لأوكرانيا بعد أشهر من الدفاع الصعب، وفي المقابل، سيمنح الكرملين انتصاراً يمكن استغلاله دعائياً لتأكيد نجاح حملته العسكرية. كما أن المعركة المستمرة والدمار الناتج عنها يفاقمان الأزمة الإنسانية في المنطقة، مع نزوح الآلاف من المدنيين هرباً من القتال.





