واشنطن تطرح شرطاً للعفو عن قادة حماس خلال مباحثات صفقة الرهائن في تل أبيب
في تطور لافت للمساعي الدبلوماسية المتعلقة بالحرب في غزة، انعقد اجتماع رفيع المستوى في تل أبيب مساء يوم الجمعة لبحث ملامح المرحلة الثانية من اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وذكرت مصادر أن الاجتماع، الذي دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تناول مقترحاً جديداً تدعمه الولايات المتحدة، يتضمن عرضاً مشروطاً بخروج آمن لقادة حركة حماس من قطاع غزة.
تفاصيل الاجتماع والمقترح الأمريكي
اجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي لمناقشة إطار عمل جديد يهدف إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، وذلك بعد أسابيع من توقف المفاوضات التي أعقبت الهدنة المؤقتة في نوفمبر الماضي. وتمحور النقاش حول خطة متعددة المراحل قدمها الوسطاء، ولكن مع إضافة بند جديد وهام من الجانب الأمريكي يتعلق بمستقبل قيادة حماس.
جوهر المقترح الذي تدعمه واشنطن يدور حول منح ما وصف بـ "عفو" أو بشكل أدق، ضمان ممر آمن لكبار قادة حماس لمغادرة القطاع. ويرتبط هذا العرض ارتباطاً وثيقاً بالتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن عدة نقاط رئيسية، أبرزها:
- إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين لدى الفصائل الفلسطينية، مدنيين وعسكريين.
 - تخلي قيادة حماس الحالية عن كافة سلطاتها العسكرية والمدنية في قطاع غزة.
 - مغادرة هؤلاء القادة إلى دول أخرى كشكل من أشكال المنفى السياسي.
 - الشروع في عملية نزع سلاح شاملة في القطاع كجزء من ترتيبات اليوم التالي للحرب.
 
خلفية المفاوضات وسياقها
تأتي هذه المباحثات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية من أجل وقف التصعيد العسكري ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة. وقد تعثرت الجولات السابقة من المفاوضات، التي تتوسط فيها قطر ومصر والولايات المتحدة، بسبب الخلافات العميقة حول الأهداف النهائية لكل طرف.
فمن جهة، تؤكد إسرائيل أن أهدافها الرئيسية تتمثل في القضاء التام على القدرات العسكرية لحماس وإعادة جميع الرهائن، وترفض أي حديث عن وقف دائم لإطلاق النار قبل تحقيق هذه الأهداف. ومن جهة أخرى، تطالب حركة حماس بوقف شامل للحرب وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة كشرط أساسي للمضي قدماً في أي صفقة جديدة لتبادل الأسرى.
المواقف المختلفة والتحديات
على الرغم من أن فكرة نفي قادة حماس ليست جديدة بالكامل، إلا أن طرحها مجدداً بدعم أمريكي يمثل دفعة دبلوماسية قوية. ومع ذلك، يواجه هذا المقترح تحديات كبيرة على عدة جبهات. فعلى الصعيد الداخلي الإسرائيلي، هناك انقسامات واضحة؛ فبينما قد يرى البعض في هذا المقترح حلاً براغماتياً لاستعادة الرهائن وتفكيك هيكل قيادة حماس دون حرب طويلة ومكلفة، يرفضه المتشددون الذين يعتبرونه تنازلاً يسمح للمسؤولين عن هجوم السابع من أكتوبر بالإفلات من العقاب.
أما من منظور حماس، فإن قبول مثل هذا الاتفاق يعني التخلي الكامل عن مشروعها السياسي والعسكري في غزة. وقد سبق لمسؤولين بارزين في الحركة أن رفضوا علناً أفكاراً مماثلة في الماضي، مؤكدين بقاءهم في القطاع. وتعتمد جدوى هذا المقترح على ما إذا كان الضغط العسكري الهائل وإمكانية التوصل إلى حل دائم قد يدفعان الحركة إلى إعادة النظر في مواقفها.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا التطور في قدرته على كسر الجمود الدبلوماسي الحالي. فمن خلال تقديم "طريق ثالث" يلبي المطلب الإسرائيلي بإزاحة قيادة حماس من السلطة، وفي نفس الوقت يفتح الباب أمام إطلاق سراح جميع الرهائن، يحاول المقترح تجسير الهوة بين الهدنة المؤقتة والوقف الدائم لإطلاق النار. وإذا ما تحقق مثل هذا الاتفاق، فإنه سيعيد تشكيل مستقبل غزة والمنطقة بأكملها، ويمهد الطريق لمناقشات جادة حول إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار والبحث عن حل سياسي طويل الأمد.




