وزير البترول يؤكد: آلية التسعير التلقائي للوقود تعتمد على السوق مع استمرار الدعم
جدد وزير البترول والثروة المعدنية المصري، المهندس طارق الملا، التأكيد على أن آلية تحديد أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلي تخضع لمراجعة دورية من قبل لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية. وأوضح الوزير في تصريحات حديثة أن هذه الآلية، التي تعمل بشكل ربع سنوي، تستهدف مواءمة الأسعار المحلية مع التغيرات في الأسواق العالمية، مع الحفاظ على استمرارية الدعم الذي تقدمه الدولة لتخفيف الأعباء عن المواطنين وحماية المستهلكين من التقلبات الحادة في الأسعار العالمية.

آلية عمل لجنة التسعير التلقائي
تأسست لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية، بهدف تحويل نظام دعم الطاقة من دعم عيني شامل إلى دعم نقدي موجه للفئات الأكثر استحقاقاً، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق العام. تجتمع اللجنة كل ثلاثة أشهر لمراجعة وتحديد أسعار بيع بعض المنتجات البترولية للمستهلكين، مثل البنزين بأنواعه والسولار.
تعتمد قرارات اللجنة في تحديد الأسعار على معادلة تأخذ في الاعتبار ثلاثة متغيرات رئيسية:
- أسعار النفط العالمية: يتم احتساب متوسط أسعار خام برنت خلال الأشهر الثلاثة السابقة لاجتماع اللجنة، حيث يُعد هذا العامل الأكثر تأثيراً في تكلفة المنتجات البترولية.
 - سعر صرف الدولار الأمريكي: نظراً لأن مصر تستورد جزءاً من احتياجاتها من النفط الخام والمنتجات المكررة، فإن سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار يلعب دوراً محورياً في تحديد التكلفة النهائية بالعملة المحلية.
 - تكاليف أخرى: تشمل هذه الفئة أعباء التشغيل والتكرير والنقل والتوزيع والتسويق داخل البلاد، والتي قد تتغير بناءً على عوامل اقتصادية محلية.
 
ضوابط التسعير واستمرارية الدعم
على الرغم من أن الآلية تهدف إلى ربط الأسعار المحلية بالعالمية، فقد وضعت الحكومة ضوابط صارمة لحماية السوق والمستهلكين. يتمثل أهم هذه الضوابط في تحديد سقف لنسبة التغيير في الأسعار، حيث لا يمكن أن يتجاوز الارتفاع أو الانخفاض نسبة 10% في كل مراجعة ربع سنوية. يهدف هذا الإجراء إلى تجنب الصدمات السعرية المفاجئة التي قد تنتج عن تقلبات حادة في أسعار النفط العالمية أو سعر الصرف.
وشدد الوزير على أن مفهوم "استمرار الدعم" يعني أن الدولة لا تزال تتحمل جزءاً كبيراً من التكلفة الفعلية للمنتجات البترولية، حتى بعد تطبيق الزيادات السعرية. فالسعر الذي يدفعه المستهلك النهائي لا يزال أقل من التكلفة الحقيقية التي تتحملها خزينة الدولة. وتهدف الحكومة من خلال هذه الآلية إلى تقليص فاتورة الدعم تدريجياً وبشكل مدروس، وليس إلغاءه بالكامل، بما يضمن استدامة الموارد المالية للدولة وتوجيهها نحو قطاعات حيوية أخرى مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للسياسة الجديدة
تأتي سياسة التسعير التلقائي في سياق أوسع لجهود الحكومة المصرية لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. فمن خلال ربط أسعار الوقود بالأسواق العالمية بشكل منضبط، تتمكن الدولة من تقليل الضغط على الموازنة العامة، الذي كان يمثله الدعم الشامل للمحروقات لعقود طويلة. وقد ساهم هذا النهج في تحسين التصنيف الائتماني لمصر وتعزيز ثقة المؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد المصري.
على الجانب الآخر، تظل أسعار الوقود قضية ذات حساسية اجتماعية عالية، نظراً لتأثيرها المباشر على تكاليف النقل والسلع والخدمات، وبالتالي على معدلات التضخم ومستوى معيشة المواطنين. ولذلك، تحرص الحكومة على الموازنة بين ضرورة الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات الحماية الاجتماعية، من خلال تطبيق الزيادات بشكل تدريجي ومحدود، مع التوسع في برامج الحماية الاجتماعية الموجهة للفئات الأكثر احتياجاً للتخفيف من آثار هذه الإصلاحات.





