آليات مصرية تبدأ البحث عن جثامين أسرى إسرائيليين بغزة والقسام تعلن استعدادها للمساعدة
في خطوة لافتة ضمن جهود الوساطة المستمرة، دخلت آليات ومعدات هندسية مصرية، خلال الساعات الأخيرة، إلى منطقة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، برفقة فرق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. تهدف هذه العملية، التي جرت بتنسيق متعدد الأطراف، إلى البحث والتنقيب عن جثامين أسرى إسرائيليين يُعتقد أنهم قُتلوا خلال جولات تصعيد سابقة، في تطور قد يمهد الطريق لإحراز تقدم في ملف تبادل الأسرى والمحتجزين الشائك.

تفاصيل العملية الميدانية
وفقًا لمصادر ميدانية، شملت المعدات التي عبرت إلى القطاع عدة جرافات وحفارات متخصصة. وقد توجهت القافلة مباشرة إلى المنطقة المعروفة باسم "الخط الأصفر"، وهي منطقة حدودية حساسة شهدت اشتباكات عنيفة في الماضي وتعتبر منطقة عمليات عسكرية. تتم العملية تحت إشراف ومراقبة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لضمان التزامها بالقانون الإنساني الدولي ودورها كوسيط محايد. يقتصر دور فرق الصليب الأحمر على المراقبة وتسهيل المرور الآمن، دون المشاركة المباشرة في أعمال الحفر.
تأتي هذه الخطوة بعد مفاوضات مكثفة وغير معلنة قادتها مصر، التي تلعب دورًا محوريًا في التوسط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. ويعتبر السماح بدخول هذه المعدات والبدء في البحث مؤشرًا على وجود تفاهمات أولية بين الأطراف المعنية لتهدئة التوترات ومعالجة الملفات الإنسانية العالقة.
موقف كتائب القسام
بالتزامن مع بدء العملية، أصدرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بيانًا أكدت فيه جاهزيتها للمساعدة في عملية استخراج الجثامين. وأوضحت الكتائب أن هذه المساعدة مشروطة بجدية الجانب الإسرائيلي في التوصل إلى صفقة تبادل "مُشرّفة"، في إشارة إلى مطالبها بالإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
يمثل هذا الموقف تطورًا في طريقة تعامل الحركة مع هذا الملف، حيث يُظهر استعدادًا للتعاون في جانب إنساني بهدف دفعه نحو مسار سياسي. ويرى مراقبون أن هذا التصريح يهدف إلى إرسال رسالتين رئيسيتين:
- رسالة إيجابية للوسطاء، وخاصة مصر، تؤكد على مرونة الحركة واستعدادها للتعاون ضمن إطار متفق عليه.
- رسالة للداخل الإسرائيلي تضغط على الحكومة للإسراع في إبرام صفقة تبادل شاملة تشمل الأسرى الأحياء أيضًا.
خلفية وسياق الأحداث
يعد ملف الأسرى والجثامين أحد أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. تحتجز حركة حماس في غزة عددًا من الأسرى الإسرائيليين وجثامين لجنود قُتلوا في عمليات عسكرية سابقة، أبرزها خلال الحرب على غزة عام 2014. ومنذ ذلك الحين، فشلت عدة جولات من المفاوضات غير المباشرة في التوصل إلى اتفاق لتبادلهم بأسرى فلسطينيين، بسبب الفجوة الكبيرة في مواقف الطرفين.
وتقود مصر وقطر جهود وساطة مستمرة لمنع التصعيد في غزة والتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد تشمل إعادة الإعمار وتخفيف الحصار، بالإضافة إلى حل قضية الأسرى. وتعتبر عملية البحث الحالية اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الأطراف ورغبتها في بناء الثقة اللازمة للمضي قدمًا في المفاوضات الأوسع.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تحمل هذه العملية أهمية كبيرة على الصعيدين الإنساني والسياسي. فمن الناحية الإنسانية، يمثل العثور على الجثامين وإنهاء حالة عدم اليقين لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين خطوة ضرورية طال انتظارها. أما على الصعيد السياسي، فإن نجاح العملية قد يشكل نقطة انطلاق نحو صفقة تبادل أسرى أوسع، وهو ما تسعى إليه الأطراف المعنية والوسطاء الدوليون منذ سنوات.
ومع ذلك، تظل العملية محفوفة بالمخاطر، حيث يمكن لأي حادث أمني أو خرق للتفاهمات أن يعيد الأمور إلى نقطة الصفر. ويتوقف نجاح هذه الجهود على استمرار التزام جميع الأطراف بالتفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية مصرية، وعلى قدرة الوسطاء على إدارة هذه العملية المعقدة والحساسة بفعالية في ظل الوضع الأمني الهش في المنطقة.





