أردوغان يوضح موقف تركيا من أزمة غزة بعد مشاركته في قمة مصر للسلام
في تصريحات هامة أدلى بها للصحفيين على متن طائرته الرئاسية عقب عودته من مصر في أواخر أكتوبر 2023، عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رؤية بلاده وموقفها المفصل من الصراع المتصاعد في قطاع غزة. جاءت هذه التصريحات بعد مشاركته في "قمة القاهرة للسلام"، التي استضافتها مصر لبحث سبل وقف إطلاق النار وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في القطاع.

خلفية القمة وسياق التصريحات
عُقدت "قمة القاهرة للسلام" كاستجابة دولية وإقليمية عاجلة للتصعيد العسكري الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. هدفت القمة إلى حشد الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتأمين ممرات إنسانية عاجلة لإيصال المساعدات إلى سكان القطاع المحاصرين. وقد شارك في القمة عدد من قادة الدول العربية والأوروبية وممثلون عن منظمات دولية، حيث شكلت مشاركة الرئيس أردوغان تأكيداً على سعي تركيا للعب دور فاعل في حل الأزمة.
أبرز محاور الموقف التركي
خلال حديثه، انتقد الرئيس أردوغان بشدة ما وصفه بـ "صمت المجتمع الدولي"، وخاصة الدول الغربية، تجاه الأزمة الإنسانية في غزة. وأوضح أن الموقف التركي يرتكز على عدة مبادئ أساسية تهدف إلى تحقيق حل عادل ومستدام، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار: شدد أردوغان على أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لوقف العمليات العسكرية فوراً لحماية أرواح المدنيين، معتبراً أن استمرارها يؤدي إلى كارثة إنسانية أوسع نطاقاً.
- رفض التهجير القسري: أكد الرئيس التركي رفض بلاده القاطع لأي محاولات لتهجير سكان غزة من أراضيهم، واصفاً مثل هذه الخطط بأنها تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وتهديداً للاستقرار الإقليمي.
- مقترح "آلية الضامنين": طرح أردوغان مقترحاً مبتكراً يتمثل في إنشاء آلية "ضامنين" دوليين، تكون تركيا طرفاً فيها، للإشراف على تطبيق أي اتفاق سلام مستقبلي. وتهدف هذه الآلية إلى ضمان التزام الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، ببنود الاتفاق ومنع تجدد الصراع.
- حل الدولتين هو الأساس: جدد أردوغان تمسك تركيا بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم، داعياً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الأهمية الدبلوماسية لتصريحات أردوغان
تكتسب تصريحات الرئيس التركي أهميتها من كونها تحدد بوضوح الدور الذي تسعى أنقرة للعبه في خضم واحدة من أعقد الأزمات في الشرق الأوسط. فمن خلال انتقاد المواقف الغربية وطرح حلول بديلة كآلية الضامنين، تضع تركيا نفسها كوسيط محتمل يمتلك رؤية مختلفة عن الأطراف التقليدية. كما تعكس هذه التصريحات استراتيجية تركيا الرامية إلى تعزيز نفوذها الدبلوماسي في المنطقة، والتأكيد على أنها لاعب لا يمكن تجاهله في أي تسوية مستقبلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد عبر أردوغان عن خيبة أمله لعدم تمكن القمة من إصدار بيان ختامي مشترك يدعو لوقف إطلاق النار، مرجعاً ذلك إلى تباين المواقف بين الدول المشاركة.





