أهالي المحتجزين الإسرائيليين يصعدون احتجاجاتهم في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل فورية
شهدت مدينة تل أبيب في الأسابيع الأخيرة، وتحديداً خلال اجتماعات السبت المسائية، تصعيداً ملحوظاً في الاحتجاجات التي ينظمها أهالي المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة ومناصروهم. يطالب المحتجون حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتحرك الفوري لإبرام صفقة تبادل تؤدي إلى الإفراج عن جميع المحتجزين، معبرين عن غضبهم وخوفهم المتزايد من أن الوقت ينفد لإنقاذ حياة أحبائهم.

خلفية الأزمة
تعود جذور هذه الاحتجاجات إلى الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن احتجاز ما يزيد عن 240 شخصاً، بينهم مدنيون وجنود من جنسيات مختلفة. ورغم الإفراج عن عدد منهم في هدنة سابقة، لا يزال أكثر من 100 شخص في الأسر، ويُعتقد أن عدداً منهم قد فارق الحياة. ومنذ ذلك الحين، تحولت قضية المحتجزين إلى جرح عميق في المجتمع الإسرائيلي وعامل ضغط أساسي على الحكومة.
تطورات الحراك الاحتجاجي
تتخذ الاحتجاجات، التي أصبحت حدثاً أسبوعياً، أشكالاً متعددة للتعبير عن مطالب الأهالي. وتتركز الفعاليات الرئيسية في تل أبيب، خاصة في المنطقة التي أُطلق عليها اسم "ساحة المحتجزين"، حيث تُنصب خيام وصور للمحتجزين. وتشمل التحركات الاحتجاجية ما يلي:
- تنظيم مسيرات ضخمة تجوب الشوارع الرئيسية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إغلاق طرق حيوية مثل تقاطع "كابلان" وطريق "أيالون" السريع.
- إلقاء كلمات مؤثرة من قبل عائلات المحتجزين ومحتجزين سابقين تم إطلاق سراحهم، يروون فيها معاناتهم ويحثون الحكومة على التحرك.
- استخدام أساليب احتجاجية لافتة مثل إشعال النيران، واستخدام المشاعل الدخانية، والقرع على الطبول للتعبير عن حالة الطوارئ والغضب.
- استهداف مقار حكومية ومنازل مسؤولين، بما في ذلك مقر وزارة الدفاع (الكرياه) في تل أبيب ومقر إقامة نتنياهو.
في الأيام الأخيرة، لوحظ أن الاحتجاجات أصبحت أكثر حدة، حيث يعبر المتظاهرون عن فقدانهم الثقة في قدرة الحكومة الحالية على إدارة الأزمة، ويوجهون اتهامات مباشرة لنتنياهو بأنه يضع اعتباراته السياسية الشخصية فوق حياة المحتجزين.
المطالب الرئيسية وردود الفعل
تتمحور مطالب المحتجين حول هدف واحد أساسي: إعادة جميع المحتجزين إلى ديارهم فوراً. وهم يرون أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو من خلال صفقة تبادل، حتى لو كانت تتضمن تنازلات كبيرة. وتتهم العائلات الحكومة بإعطاء الأولوية للأهداف العسكرية المتمثلة في القضاء على حماس على حساب تأمين الإفراج عن الأسرى. وقد ارتفعت أصوات من داخل الحراك تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، معتبرين أن التغيير السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة.
في المقابل، تؤكد حكومة نتنياهو أنها تعمل على مسارين متوازيين: الضغط العسكري على حماس، واستمرار الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى صفقة. ويواجه نتنياهو ضغوطاً من اتجاهين متعاكسين؛ فبينما يطالبه أهالي المحتجزين بمرونة أكبر في المفاوضات، يرفض شركاؤه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف أي صفقة يعتبرونها "استسلاماً"، ويهددون بالانسحاب من الحكومة إذا تم وقف الحرب.
الأهمية والسياق
تكتسب هذه الاحتجاجات أهمية كبرى لأنها تعكس انقساماً عميقاً داخل المجتمع الإسرائيلي حول أولويات الحرب. فهي لا تمثل فقط صرخة إنسانية من عائلات متألمة، بل أصبحت أيضاً حركة سياسية تضع ضغطاً هائلاً على استقرار الحكومة. ويُنظر إلى قضية المحتجزين على أنها اختبار لقدرة الدولة على حماية مواطنيها، وتعتبر كيفية تعامل الحكومة معها عاملاً حاسماً في تحديد مستقبلها السياسي. ومع استمرار تعثر المفاوضات، من المرجح أن يستمر هذا الحراك الاحتجاجي ويتصاعد، ليبقى أحد أبرز العناوين في المشهد السياسي الإسرائيلي.




