إسرائيل تصف أردوغان بـ'الطاغية' في تصعيد كلامي حاد حول حرب غزة
شهدت العلاقات التركية الإسرائيلية تدهورًا حادًا في أواخر عام 2023، على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة، وبلغ التوتر ذروته في تبادل للاتهامات اللاذعة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين. جاء الرد الإسرائيلي عنيفًا بعد سلسلة من التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي وصف فيها إسرائيل بـ"دولة إرهاب" ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بـ"جزار غزة"، مما دفع مسؤولين إسرائيليين إلى وصف أردوغان بـ"الطاغية".

خلفية التوتر المتصاعد
اندلعت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة في سياق الحرب التي بدأت بعد هجوم حركة حماس على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، وما تلاه من حملة عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق على قطاع غزة. قبل هذه الأحداث، كانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد شهدت تحسنًا تدريجيًا بعد سنوات من الفتور، لكن الحرب أعادت التوترات إلى الواجهة بقوة، حيث اتخذت أنقرة موقفًا شديد الانتقاد للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
تصريحات أردوغان ومبادرات قانونية
كانت مواقف الرئيس التركي هي المحرك الرئيسي للتصعيد. ففي خطابات متعددة، وجه أردوغان انتقادات غير مسبوقة للقيادة الإسرائيلية، معتبرًا أن ما يحدث في غزة يرقى إلى مستوى "الإبادة الجماعية". ومن أبرز تصريحاته:
- وصف إسرائيل بأنها "دولة إرهاب" تتصرف مثل "عصابة" وليس كدولة.
- اتهام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بارتكاب جرائم حرب، واصفًا إياه بـ"جزار غزة".
- التأكيد على أن نتنياهو "انتهى سياسيًا" ويجب محاكمته أمام المحاكم الدولية.
تزامنًا مع هذه التصريحات، قام محامون أتراك بتقديم شكوى جنائية لدى مكتب المدعي العام في إسطنبول ضد نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، مطالبين بمحاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية. ورغم أن هذه الخطوة لم تكن إجراءً حكوميًا رسميًا، إلا أنها عكست حجم الغضب الشعبي والرسمي في تركيا.
الرد الإسرائيلي الرسمي
جاء الرد الإسرائيلي على لسان كبار المسؤولين، الذين هاجموا الرئيس التركي بشدة. قاد وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، الرد الدبلوماسي، حيث أمر بسحب الدبلوماسيين الإسرائيليين من تركيا "لإعادة تقييم العلاقات". ووصف كوهين تصريحات أردوغان بأنها "مشينة"، متهمًا إياه بدعم حركة حماس التي تصنفها إسرائيل تنظيمًا إرهابيًا. في المقابل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور هايات، أردوغان بأنه "طاغية" يدعم الإرهاب. من جهته، رد نتنياهو مباشرة على أردوغان، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي هو "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" ولن يقبل المواعظ من جهة تدعم الإرهاب.
الأهمية والتداعيات الإقليمية
يمثل هذا الاشتباك الكلامي نقطة تحول خطيرة في العلاقات الثنائية، حيث قضى على جهود التطبيع التي بُذلت في السنوات الأخيرة. كما يسلط الضوء على الانقسام العميق في المنطقة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتُظهر هذه الأزمة محاولة تركيا، تحت قيادة أردوغان، لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية مدافعة عن القضية الفلسطينية، في حين ترى إسرائيل في الموقف التركي دعمًا مباشرًا لأعدائها وتقويضًا لشرعية عملياتها العسكرية. يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين غامضًا، حيث يعتمد بشكل كبير على مسار الحرب في غزة والتطورات السياسية في المنطقة.





