هدار غولدن: رمزية قضية تعصف بالعلاقات بين حماس وإسرائيل ومفاوضات التهدئة
في تطور يعيد قضية الجنود المفقودين إلى الواجهة، أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤخراً عن استخراج جثمان الضابط الإسرائيلي هدار غولدن من أحد الأنفاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. يأتي هذا الإعلان بعد ما يزيد عن عقد من الزمن على اختفائه خلال حرب عام 2014، المعروفة إسرائيلياً باسم عملية 'الجرف الصامد'. هذه المستجدات تلقي بظلالها على المفاوضات الجارية حالياً بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وتبرز الأهمية المحورية لقضية غولدن في تعقيدات الصراع بين الطرفين.

خلفية قضية هدار غولدن
اختفى هدار غولدن، وهو ضابط برتبة ملازم ثانٍ في لواء جفعاتي بالجيش الإسرائيلي، في الأول من أغسطس 2014. ووفقاً للرواية الإسرائيلية، اختفى غولدن خلال كمين نصبه مقاتلو حماس في اليوم الأخير من هدنة إنسانية متفق عليها، بعد أن كان قد دخل نفقاً في رفح. أعلن الجيش الإسرائيلي لاحقاً عن مقتله وتصنيفه كـ 'جندي مفقود وأسير حرب' (MIA/POW)، لكنه أكد أن رفاته محتجزة لدى حماس. منذ ذلك الحين، ناشدت عائلة غولدن باستمرار الجهات الدولية والحكومة الإسرائيلية للعمل على استعادة رفاته، لتصبح قضيته رمزاً وطنياً للتعهد الإسرائيلي بعدم ترك أي جندي خلف الركب، سواء كان حياً أم ميتاً.
أهمية هدار غولدن لحماس
بالنسبة لحركة حماس، مثلت رفاته، إلى جانب رفات جندي إسرائيلي آخر، ورقة تفاوضية بالغة الأهمية. لطالما استخدمت الحركة ملف الجنود المفقودين كأداة للضغط على إسرائيل لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجونها. إعلان استخراج الجثة من نفق في رفح، وهي منطقة تشهد عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة حالياً، يعكس قدرة حماس على الاحتفاظ بأوراق قوة حتى في ظل الضغوط الكبيرة. هذا الإعلان يمكن أن يكون بمثابة رسالة سياسية وعسكرية في سياق المفاوضات الحالية، مؤكدة على وجود سيطرة للحركة على بعض المعلومات والأصول الاستراتيجية.
أهمية هدار غولدن لإسرائيل
تتمحور أهمية قضية غولدن بالنسبة لإسرائيل حول عدة أبعاد: الوطنية، الأخلاقية، والعسكرية. على الصعيد الوطني، يمثل استعادة رفات الجنود المفقودين التزاماً مقدساً للجيش والدولة تجاه عائلات الجنود. عائلة غولدن نفسها مارست ضغوطاً هائلة على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتوصل إلى صفقة استعادة. على الصعيد العسكري، تسلط القضية الضوء على تحدي الأنفاق كبنية تحتية استراتيجية تستخدمها حماس لاحتجاز الأصول. الكشف عن جثته في نفق برفح يؤكد الرواية الإسرائيلية بأن رفح كانت وما زالت معقلاً لشبكة الأنفاق التابعة لحماس، مما يبرر جزءاً من العمليات العسكرية الجارية في المنطقة.
التطورات الأخيرة وتأثيرها على المفاوضات
يتزامن إعلان القسام عن استخراج جثة غولدن مع مرحلة حساسة من المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، بوساطة من مصر وقطر والولايات المتحدة، وتهدف إلى التوصل إلى هدنة في غزة وتبادل للأسرى. ويأتي هذا الإعلان في وقت تتزايد فيه التكهنات حول مصير أسرى إسرائيليين آخرين لا تزال حماس تحتجزهم، ووسط تقارير عن أزمة تتعلق بمقاتلي حماس العالقين في الأنفاق في ظل العمليات الإسرائيلية. يمكن أن يكون هذا التطور محاولة من حماس لتجديد الضغط على إسرائيل في المحادثات، أو ربما إشارة إلى استعداد للتعامل مع هذا الملف في إطار صفقة أوسع. إن كشف مصير غولدن، وإن كان متأخراً، قد يفتح باباً لتناول ملفات أخرى من جانب الطرفين، بما في ذلك ملف الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
تبقى قضية هدار غولدن، وما تلاها من إعلان، محوراً يعكس التعقيدات الشديدة للصراع، والتداخل بين الأبعاد الإنسانية والسياسية والأمنية، وستستمر في التأثير على مسار المفاوضات القادمة بين إسرائيل وحماس.




