إسرائيل تستلم رفات الجندي هدار غولدن من حماس
في خطوة إنسانية طال انتظارها، أعلنت إسرائيل في 10 مايو 2020، استلامها لرفات الجندي هدار غولدن، الذي كان قد فُقد أثره خلال عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة عام 2014. جرى تسليم الرفات عبر وساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كجزء من تفاهمات بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على القطاع. هذا الحدث مثل نقطة إغلاق هامة لعائلة غولدن بعد سنوات من الترقب والبحث عن إجابات حول مصير ابنها.

خلفية الاختفاء ومصير الجندي
تعود قضية الجندي هدار غولدن إلى الأول من أغسطس 2014، خلال الأيام الأخيرة من عملية "الجرف الصامد" (تُعرف إسرائيليًا باسم "צוק איתן" أو "الصخرة القوية"). في ذلك اليوم، الذي أطلق عليه لاحقًا اسم "الجمعة السوداء" في رفح، تعرضت قوة إسرائيلية لكمين في جنوب قطاع غزة بعد انهيار هدنة إنسانية قصيرة. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل غولدن في المعركة، لكن جثته اعتُبرت في عداد المفقودين ويُعتقد أن حركة حماس قد استولت عليها.
كان غولدن، الذي خدم كملازم في لواء جفعاتي، واحدًا من جنديين إسرائيليين (الآخر هو أورون شاؤول، الذي فُقد في حادثة منفصلة خلال نفس العملية) أعلنت حماس احتجاز رفاتهما. طوال السنوات التي تلت، سعت عائلتا غولدن وشاؤول باستمرار لإعادة رفات ابنيهما، الأمر الذي شكّل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي.
تفاصيل عملية التسليم والتفاهمات
عملية تسليم رفات هدار غولدن في مايو 2020 لم تكن حدثًا منفردًا، بل جاءت ضمن إطار تفاهمات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، بوساطة قادتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وعلى الرغم من أن التفاصيل الدقيقة للصفقة لم تُعلن بشكل كامل من قبل الطرفين، إلا أن التقارير أشارت إلى أن إسرائيل قامت بالإفراج عن امرأتين فلسطينيتين كانتا قد عبرتا الحدود إلى غزة بطريق الخطأ في أوقات سابقة، بالإضافة إلى تسهيل إدخال كميات كبيرة من المعدات الطبية والمستلزمات الحيوية إلى قطاع غزة.
وشملت المساعدات الطبية أجهزة تنفس ومعدات فحص للكشف عن فيروس كوفيد-19، الذي كان ينتشر عالميًا في ذلك الوقت. وقد أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن هذه اللفتة كانت "إنسانية" بشكل أساسي، تهدف إلى إحراز تقدم في قضية الجنود المفقودين. وقد تمت عملية التسليم في نقطة عبور حدودية، غالبًا عبر معبر إيرز (بيت حانون) شمال قطاع غزة، تحت إشراف الصليب الأحمر لضمان الحياد والأمن.
الدلالات والآثار
يُعد تسليم رفات هدار غولدن حدثًا ذا أهمية كبيرة على عدة مستويات:
- للعائلة: قدم الحدث للعائلة خاتمة مأساوية طال انتظارها، بعد سنوات من المعاناة والألم بسبب عدم اليقين حول مصير ابنها. ويعتبر استلام الرفات خطوة حاسمة في عملية الحداد.
- لإسرائيل: يمثل التزامًا راسخًا من الدولة تجاه جنودها، حيث تؤكد الحكومة الإسرائيلية دائمًا سعيها الحثيث لإعادة جميع الجنود الأسرى والمفقودين. كما خفف من الضغط العام على الحكومة بشأن هذا الملف.
- لحماس: استخدمت حماس هذه الصفقة لإظهار قدرتها على التفاوض مع إسرائيل، وربما لتأكيد مطالبها المتعلقة بتحسين الظروف الإنسانية في غزة ورفع الحصار المفروض على القطاع.
- للعلاقات الإقليمية: على الرغم من أن الصفقة كانت محدودة في نطاقها، إلا أنها أظهرت أن قنوات الاتصال والتفاوض غير المباشرة لا تزال قائمة بين الأطراف المتنازعة، حتى في ظل أشد الظروف تعقيدًا. كما سلطت الضوء على دور الوسطاء الدوليين مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تسهيل مثل هذه التفاهمات الإنسانية.
على الرغم من إغلاق ملف هدار غولدن، إلا أن قضية الجنود والمواطنين الإسرائيليين الآخرين الذين لا تزال حماس تحتجزهم أو تحتفظ برفاتهما، مثل الجندي أورون شاؤول والمواطنين المدنيين أفيرا منغيستو وهشام السيد، لا تزال قائمة وتشكل تحديًا مستمرًا للجانبين.




