إسرائيل تصف مذكرة توقيف تركية ضد قادتها العسكريين بأنها "استفزاز سياسي"
في تصعيد للتوتر الدبلوماسي بين البلدين، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في مايو 2014 ردًا حادًا على قرار محكمة تركية بإصدار مذكرات توقيف بحق أربعة من كبار قادتها العسكريين السابقين. وصفت إسرائيل هذه الخطوة بأنها "استفزاز سياسي" لا قيمة قانونية له، مؤكدةً أنها لن تتعاون مع الإجراءات القضائية التركية وستواصل حماية مواطنيها وجنودها.
تفاصيل المذكرة ورد الفعل الإسرائيلي
جاء التحرك القضائي من محكمة في إسطنبول، حيث استهدفت مذكرات التوقيف أربعة مسؤولين عسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى لدورهم المزعوم في حادثة أسطول المساعدات المتجه إلى غزة عام 2010. وشملت قائمة المطلوبين كلاً من:
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، الجنرال غابي أشكنازي.
- قائد القوات البحرية السابق، الأدميرال إليعازر ماروم.
- رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال عاموس يادلين.
- قائد استخبارات القوات الجوية السابق، أفيشاي ليفي.
كان الرد الإسرائيلي الرسمي سريعًا وحازمًا. فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، يغال بالمور، بأن هذه الخطوة هي "عمل أحادي مثير للسخرية" يفتقر إلى أي شرعية قانونية. وأضاف أن القرار يمثل استغلالًا للنظام القضائي لأغراض سياسية، وأن إسرائيل تعتبره جزءًا من حملة مستمرة لتشويه سمعتها. وأكدت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تسلم أيًا من ضباطها وستقف إلى جانبهم بشكل كامل.
خلفية الأحداث: حادثة أسطول الحرية
تعود جذور هذه القضية إلى 31 مايو 2010، عندما اعترضت قوات كوماندوز بحرية إسرائيلية أسطولًا مكونًا من ست سفن، عُرف باسم "أسطول الحرية"، كان يحاول كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة. وقعت المواجهة الأكثر دموية على متن السفينة الرئيسية في الأسطول، "مافي مرمرة"، والتي كانت ترفع العلم التركي. أسفرت عملية المداهمة الإسرائيلية عن مقتل تسعة نشطاء أتراك، وتوفي ناشط عاشر لاحقًا متأثرًا بجراحه، مما أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين تركيا وإسرائيل، اللتين كانتا حليفتين استراتيجيتين في السابق.
في أعقاب الحادث، قامت تركيا بتخفيض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بشكل حاد، وطردت السفير الإسرائيلي، وطالبت باعتذار رسمي وتعويضات لأسر الضحايا، بالإضافة إلى رفع الحصار عن غزة. ورغم محاولات الوساطة الدولية، ظلت العلاقات متجمدة لسنوات.
السياق الدبلوماسي والتداعيات
صدرت مذكرات التوقيف في وقت كانت فيه العلاقات التركية الإسرائيلية في أدنى مستوياتها. وعلى الرغم من الجهود المتقطعة للتطبيع، والتي تضمنت اعتذارًا قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عام 2013، إلا أن التقدم كان بطيئًا وهشًا. نظر العديد من المحللين إلى قرار المحكمة التركية على أنه خطوة تعكس الموقف السياسي الصارم الذي تبناه رئيس الوزراء التركي آنذاك، رجب طيب أردوغان، تجاه إسرائيل وسياساتها.
من المنظور الإسرائيلي، كانت هذه المذكرات محاولة لتقويض أي فرصة للمصالحة وإبقاء القضية حية في الساحة الدولية والقانونية. كما أثارت الخطوة مخاوف داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشأن إمكانية ملاحقة ضباطها قضائيًا في دول أخرى بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
شكّلت هذه القضية عقبة كبيرة أمام جهود تطبيع العلاقات، حيث استمرت الإجراءات القانونية في تركيا لسنوات بعد الحادث، مما ضمن بقاء الأزمة في صميم الخطاب السياسي بين البلدين ومنع أي تقارب دبلوماسي حقيقي حتى تم التوصل إلى اتفاق تسوية في عام 2016.





