إعلان كندي يستشهد بريغان يثير غضب ترامب ويعقد المفاوضات التجارية مع كندا
في خضم مفاوضات تجارية محتدمة خلال شهر يونيو من عام 2018، تسبب إعلان بثته مقاطعة أونتاريو الكندية في أزمة دبلوماسية مفاجئة، مما دفع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب إلى التهديد بالانسحاب من المحادثات. استشهد الإعلان بالرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في محاولة لانتقاد السياسات الحمائية الأمريكية، وهو ما أثار رد فعل غاضبًا من البيت الأبيض وألقى بظلاله على العلاقات الثنائية المتوترة بالفعل.

خلفية التوترات التجارية
جاءت هذه الحادثة في سياق سياسة "أمريكا أولاً" التي تبنتها إدارة ترامب، والتي شملت إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية القائمة. كانت المحادثات الشاقة لتحديث اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) قد وصلت إلى مراحل حساسة. وزاد من تعقيد الموقف قرار الرئيس ترامب فرض رسوم جمركية مشددة على واردات الصلب والألومنيوم من عدد من حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك كندا، مستندًا إلى أسباب تتعلق بالأمن القومي، وهو ما اعتبرته أوتاوا خطوة غير مبررة ومهينة.
تفاصيل الإعلان المثير للجدل
في مواجهة هذه الرسوم، أطلقت حكومة أونتاريو، بقيادة رئيسة الوزراء آنذاك كاثلين وين، حملة إعلانية موجهة للجمهور الأمريكي تهدف إلى إبراز أهمية التجارة الحرة بين البلدين والتحذير من عواقب الحمائية. كان أبرز ما في الحملة هو إعلان تلفزيوني تضمن مقطعًا للرئيس الجمهوري الأسبق رونالد ريغان من خطاب ألقاه عام 1988، يحذر فيه من مخاطر الحواجز التجارية. كان الهدف من استخدام شخصية تحظى بتقدير كبير لدى المحافظين الأمريكيين هو التأثير على قاعدة ترامب السياسية وإظهار أن سياساته التجارية تتعارض مع المبادئ التقليدية للحزب الجمهوري.
رد الفعل الأمريكي الحاد
بحسب تقارير إعلامية آنذاك، شاهد الرئيس دونالد ترامب الإعلان خلال برنامج إخباري صباحي، مما أثار غضبه الشديد. اعتبر ترامب أن استخدام رئيس أمريكي سابق لانتقاد سياساته من قبل حكومة أجنبية يعد تجاوزًا للحدود. وعلى إثر ذلك، أصدر تعليماته لمستشاره الاقتصادي البارز، لاري كودلو، بإبلاغ الجانب الكندي بأن الولايات المتحدة ستنسحب من المحادثات التجارية. جاء هذا التصعيد في وقت حرج للغاية، قبل أيام قليلة فقط من انعقاد قمة مجموعة السبع (G7) في كيبيك بكندا، والتي كانت الأجواء المحيطة بها مشحونة بالفعل بسبب الخلافات التجارية.
الاستجابة الكندية وتداعيات الحادثة
في محاولة لاحتواء الأزمة وتخفيف التوتر، أعلنت حكومة أونتاريو بسرعة أنها ستسحب الإعلان من البث في الولايات المتحدة. أكد المسؤولون الكنديون، بمن فيهم رئيس الوزراء جاستن ترودو، على أهمية الحفاظ على حوار بناء، رغم معارضتهم الشديدة للرسوم الجمركية الأمريكية. على الرغم من أن تهديد ترامب لم يؤدِ إلى انهيار كامل للمفاوضات، إلا أن الحادثة كشفت عن مدى حساسية العلاقات الشخصية بين القادة وتأثيرها المباشر على الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى. استمرت المحادثات لاحقًا، وتوجت في نهاية المطاف بالتوصل إلى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) التي حلت محل "نافتا"، لكن هذه الواقعة بقيت شاهدًا على إحدى أكثر الفترات توترًا في تاريخ العلاقات الأمريكية الكندية الحديث.





