إيران تؤكد مجددًا عدم سعيها لامتلاك أسلحة نووية
جددت الحكومة الإيرانية، في تصريحات صدرت مؤخرًا، تأكيدها على أن برنامجها النووي يهدف حصرًا للأغراض السلمية، وأنها لا تسعى بأي شكل من الأشكال إلى تطوير أو امتلاك أسلحة نووية. تأتي هذه التأكيدات في وقت يتزايد فيه القلق الدولي بشأن التقدم الملحوظ في قدرات إيران النووية، وفي ظل توقف المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.

خلفية البرنامج النووي والاتفاق الدولي
يعود الجدل حول البرنامج النووي الإيراني إلى عقود، حيث تصر طهران على حقها في تطوير التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة وتطبيقات طبية، بينما تشكك القوى الغربية وإسرائيل في نواياها. وبلغ التوتر ذروته قبل عام 2015، مما أدى إلى مفاوضات مكثفة نتج عنها إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، المعروفة إعلاميًا بالاتفاق النووي. وبموجب هذا الاتفاق، وافقت إيران على فرض قيود صارمة على أنشطتها النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية التي كانت مفروضة عليها.
لكن المشهد تغير بشكل جذري في عام 2018 عندما قررت الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق من جانب واحد، معتبرة أنه لا يعالج بشكل كافٍ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ونفوذها الإقليمي. أعادت واشنطن فرض عقوبات قاسية، مما دفع إيران إلى الرد عبر التراجع التدريجي عن التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق، وبدأت في تسريع وتيرة برنامجها النووي.
التطورات الأخيرة وموقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
خلال السنوات الأخيرة، حققت إيران تقدمًا تقنيًا كبيرًا أثار قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) والدول الغربية. وتشمل أبرز هذه التطورات:
- تخصيب اليورانيوم بنسب نقاء تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة جدًا من مستوى 90% اللازم لصناعة سلاح نووي، وتتجاوز بكثير نسبة 3.67% التي سمح بها الاتفاق النووي.
- زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة وأكثر كفاءة، مما يقلص بشكل كبير من "زمن الاختراق"، وهو الوقت النظري اللازم لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة واحدة.
- تقييد وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى بعض المواقع وإزالة كاميرات المراقبة، مما أدى إلى فجوات في المعرفة حول أنشطتها الحالية.
وقد أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارًا عن قلقها بشأن عدم تعاون إيران الكامل وشفافيتها، خاصة فيما يتعلق بوجود آثار لليورانيوم في مواقع قديمة غير معلنة. هذه القضايا العالقة تمثل عقبة رئيسية أمام أي جهود دبلوماسية مستقبلية.
التصريحات الإيرانية والسياق الداخلي
على الرغم من قدراتها التقنية المتنامية، تستند الرواية الرسمية الإيرانية إلى فتوى دينية أصدرها المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، تحرم إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية. وتكرر السلطات الإيرانية، من رئيس الجمهورية إلى وزارة الخارجية، أن هذه الفتوى تمثل أساس العقيدة الدفاعية للبلاد. ومع ذلك، صدرت في بعض الأحيان تصريحات من مسؤولين أقل رتبة تشير إلى أن إيران قد تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا تعرض أمنها القومي لتهديد وجودي، وهي تصريحات تزيد من الغموض حول نواياها الحقيقية.
الأهمية الجيوسياسية وردود الفعل الدولية
تظل القضية النووية الإيرانية محورًا للتوتر في الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية. فإسرائيل، التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، لم تستبعد خيار توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. أما الولايات المتحدة والقوى الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، فتواصل الدعوة إلى حل دبلوماسي، لكنها تشدد على أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لمنع إيران من حيازة سلاح نووي. في المقابل، تحافظ دول مثل روسيا والصين على علاقات أوثق مع طهران، وتدعو إلى رفع العقوبات كجزء من أي حل شامل.
تكمن أهمية هذه القضية في أن امتلاك إيران لسلاح نووي قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي خطير في منطقة الشرق الأوسط، مما يهدد استقرار المنطقة بأكملها والنظام العالمي لمنع الانتشار النووي. كما أن استمرار الأزمة يؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة العالمية ويزيد من تعقيد الصراعات الإقليمية الأخرى.




