احتفالات في غزة مع بدء سريان وقف إطلاق النار
بعد أيام من التصعيد العسكري المكثف، عمت أجواء من الفرح الحذر شوارع قطاع غزة إثر الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، والذي دخل حيز التنفيذ بوساطة دولية. وقد خرج آلاف المواطنين إلى الشوارع والميادين للتعبير عن ابتهاجهم بنهاية جولة العنف التي خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة، في مشاهد تعكس حالة من الارتياح العميق والأمل في عودة الهدوء.

تفاصيل الاتفاق والوساطة الدولية
تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد جهود دبلوماسية مكثفة قادتها بشكل أساسي مصر، وبمشاركة أطراف دولية أخرى مثل قطر والأمم المتحدة. وعادةً ما تتضمن هذه الاتفاقات التزاماً متبادلاً ومتزامناً بوقف جميع الأعمال العسكرية. وقد أُعلن عن بدء سريان الهدنة في ساعة محددة، حيث توقفت الغارات الجوية الإسرائيلية وإطلاق الصواريخ من القطاع بشكل شبه فوري مع حلول الموعد المتفق عليه.
غالباً ما تكون بنود هذه التفاهمات غير معلنة بالكامل، لكنها قد تشمل ترتيبات إضافية تهدف إلى تخفيف حدة التوتر على المدى الطويل، ومنها:
- الالتزام بوقف استهداف المدنيين والبنية التحتية من كلا الجانبين.
 - تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية والوقود والمواد الأساسية إلى القطاع.
 - في بعض الحالات، تتضمن الاتفاقات مناقشات حول قضايا أوسع مثل تخفيف الحصار المفروض على غزة أو إجراءات تتعلق بملف الأسرى.
 
مشاهد الفرح في شوارع غزة
فور تأكيد نبأ وقف إطلاق النار، تحولت شوارع غزة التي كانت خالية بسبب القصف إلى ساحات للاحتفال. انطلقت مسيرات عفوية من مختلف أحياء القطاع، حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات وطنية. وأُطلقت الألعاب النارية وعلت أصوات أبواق السيارات تعبيراً عن الفرحة، بينما قام البعض بتوزيع الحلوى على المارة. كما لجأ عدد من السكان إلى أداء سجود الشكر في الشوارع والمساجد، في تعبير ديني عن امتنانهم لانتهاء القتال ونجاتهم. هذه الاحتفالات، رغم بساطتها، تحمل دلالات عميقة على حاجة السكان الماسة للسلام والأمن بعد معاناتهم من ويلات الحرب.
السياق الإنساني والسياسي
يأتي وقف إطلاق النار في أعقاب تصعيد عسكري خلف عشرات الضحايا، بينهم عدد كبير من المدنيين والأطفال، بالإضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية والمنازل السكنية. وقد حذرت منظمات إنسانية دولية من تفاقم الأزمة في القطاع الذي يعاني أصلاً من حصار طويل الأمد ومن ظروف معيشية صعبة. لذلك، يمثل وقف القتال فرصة حيوية للسماح للفرق الطبية بالوصول إلى المصابين والبدء في تقييم الأضرار وعمليات إعادة الإعمار الأولية.
على الصعيد السياسي، عادة ما يتبع كل جولة من التصعيد إعلان كل طرف تحقيقه لأهدافه. فبينما تؤكد الحكومة الإسرائيلية نجاحها في توجيه ضربات قوية لقدرات الفصائل العسكرية، تعتبر الفصائل الفلسطينية صمودها في وجه القوة العسكرية الإسرائيلية وفرضها لشروط الهدنة انتصاراً سياسياً ومعنوياً.
ردود الفعل الدولية وأفق المستقبل
لقي الإعلان عن وقف إطلاق النار ترحيباً دولياً واسعاً، حيث أصدرت العديد من الدول والمنظمات، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بيانات تشيد بجهود الوساطة وتدعو جميع الأطراف إلى احترام الاتفاق. كما تجددت الدعوات الدولية للعمل على إيجاد حل سياسي دائم للصراع، مؤكدة أن الهدوء المؤقت لن يكون كافياً دون معالجة الأسباب الجذرية للنزاع. وعلى الرغم من الارتياح الذي يجلبه وقف إطلاق النار، يبقى السكان والمراقبون على حد سواء مدركين لهشاشة هذه الاتفاقات، حيث إن غياب حل سياسي شامل يبقي الباب مفتوحاً أمام احتمالية تجدد المواجهات في المستقبل.




