استئناف إدخال المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي بعد توقفات متكررة
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في الأيام الأخيرة عن استئناف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر الرصيف البحري المؤقت، وذلك بعد فترة من التوقف فرضتها الظروف الجوية السيئة والتحديات الأمنية. تأتي هذه الخطوة في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث يعتمد مئات الآلاف من السكان على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة، ورغم استئناف العمل، لا تزال فعالية الرصيف وقدرته على إحداث تأثير ملموس موضع تساؤل بين المنظمات الإغاثية.

خلفية إنشاء الرصيف وتحدياته
تم إنشاء الرصيف البحري كمبادرة أمريكية تهدف إلى فتح ممر إضافي لإيصال المساعدات إلى غزة، كحل بديل للمعابر البرية التي تواجه قيودًا وإغلاقات متكررة. بدأت فكرة المشروع في مارس 2024 بتكلفة تجاوزت 230 مليون دولار، وبدأ تشغيله الفعلي في شهر مايو. ومع ذلك، واجه الرصيف سلسلة من الانتكاسات منذ انطلاقه، كان أبرزها تضرره بشدة بسبب عاصفة بحرية بعد أسبوع واحد فقط من تشغيله، مما استدعى سحبه لإجراء إصلاحات في ميناء أسدود الإسرائيلي قبل إعادة تثبيته.
لم تقتصر التحديات على الجانب اللوجستي والتقني، بل امتدت لتشمل مخاوف أمنية بالغة. فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP)، وهو الشريك الرئيسي في توزيع المساعدات التي تصل عبر الرصيف، عن تعليق عملياته مؤقتًا لإجراء مراجعة أمنية. جاء هذا القرار في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في منطقة النصيرات القريبة من موقع الرصيف، مما أثار مخاوف بشأن سلامة العاملين في المجال الإنساني واحتمالية استخدام البنية التحتية للمساعدات في عمليات عسكرية، وهو ما نفته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بشدة.
تطورات عملية التسليم الأخيرة
وفقًا للبيانات الصادرة عن القيادة المركزية الأمريكية، تمكنت القوات من تسليم كميات كبيرة من المساعدات عبر الرصيف خلال فترات تشغيله المتقطعة. فعلى سبيل المثال، تم الإعلان عن إيصال أكثر من 1000 طن متري من المساعدات في إحدى المراحل قبل أن يتوقف العمل مجددًا. ومع استئناف العمل مؤخرًا، تواصل الشاحنات نقل الإمدادات من منطقة التجميع على الساحل إلى داخل القطاع لتوزيعها من قبل الشركاء في المجال الإنساني.
على الرغم من الجهود المبذولة، تؤكد وكالات الإغاثة الدولية أن كمية المساعدات التي تصل عبر الرصيف لا تزال غير كافية على الإطلاق لتلبية الاحتياجات الهائلة في غزة. وتشير هذه المنظمات إلى أن الممرات البرية تظل الوسيلة الأكثر كفاءة واستدامة لإدخال المساعدات بكميات كبيرة، وتطالب بفتح جميع المعابر البرية بشكل كامل وآمن دون عوائق.
الأهمية والسياق الأوسع
يمثل استئناف عمل الرصيف البحري محاولة دولية للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية في غزة، لكنه يسلط الضوء في الوقت ذاته على حجم العقبات السياسية واللوجستية التي تحول دون وصول المساعدات الكافية. يعكس المشروع مدى تعقيد الوضع، حيث أصبحت الحلول البحرية المؤقتة ضرورية في ظل شلل المسارات التقليدية. يبقى مستقبل الرصيف وفعاليته مرتبطين بالظروف الجوية المتقلبة، والوضع الأمني الهش على الأرض، والقدرة على ضمان توزيع المساعدات بشكل آمن وفعال على من هم في أمس الحاجة إليها في جميع أنحاء قطاع غزة.





