الأردن يعلن موقفه بشأن إرسال قوات إلى قطاع غزة
في تصريحات رسمية صدرت مؤخرًا، أكد الأردن على موقفه الواضح والثابت بشأن إرسال قوات عسكرية إلى قطاع غزة. شدد وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، على أنه لن يتم إرسال أي قوات أردنية إلى القطاع. يأتي هذا التأكيد في ظل تصاعد الأوضاع الإنسانية والأمنية في غزة، والتساؤلات الإقليمية والدولية حول الدور المستقبلي للقوات الأجنبية في المنطقة.

الخلفية والتداعيات الإقليمية
يمثل قطاع غزة بؤرة صراع مستمرة وتحديات إنسانية جسيمة منذ سنوات طويلة، وقد تفاقمت هذه الأوضاع بشكل كبير في الآونة الأخيرة. شهدت المنطقة تصعيدًا غير مسبوق أدى إلى دمار واسع النطاق وأزمة إنسانية عميقة، مع نزوح أعداد هائلة من السكان ونقص حاد في الموارد الأساسية. في ظل هذه الظروف، برزت دعوات متعددة من أطراف دولية وإقليمية لبحث سيناريوهات ما بعد الصراع، بما في ذلك إمكانية نشر قوات لحفظ السلام أو لضمان الأمن وتقديم المساعدات. يمتلك الأردن، بصفته جارًا رئيسيًا وشريكًا تاريخيًا للقضية الفلسطينية، مصلحة مباشرة في استقرار المنطقة، ويحرص على التنسيق مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم.
لطالما كان الأردن لاعبًا محوريًا في الجهود الرامية لتخفيف المعاناة في غزة، حيث قدم مساعدات إنسانية وطبية مكثفة عبر ممرات مختلفة، بما في ذلك الجسور الجوية والبرية. كما ضغط الأردن دبلوماسيًا لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات، مؤكدًا على ضرورة حماية المدنيين ورفض التهجير القسري لأهالي القطاع.
الموقف الأردني الرسمي وتبريراته
أوضح المومني أن قرار عدم إرسال قوات أردنية إلى غزة ينبع من رؤية واضحة لمحددات الدور الأردني في الأزمة. تتركز هذه الرؤية على:
- سيادة القرار الوطني: التأكيد على أن أي تدخل عسكري يجب أن يكون ضمن إطار الشرعية الدولية، ويحترم سيادة الأراضي الفلسطينية، وأن يكون مقبولًا من كافة الأطراف المعنية والشعب الفلسطيني.
- الأولويات الإنسانية: يرى الأردن أن دوره الرئيسي يكمن في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، والضغط السياسي والدبلوماسي لتحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وليس التدخل العسكري المباشر في صراع مسلح.
- رفض التهجير: يتمسك الأردن بموقفه المبدئي الرافض لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم في غزة أو الضفة الغربية، ويؤكد على أن مستقبل غزة يجب أن يحدده سكانها ضمن إطار حل الدولتين.
- حماية أمن الأردن: يراعي الأردن مصالحه الأمنية والوطنية العليا، ويؤكد على أن أي تحرك عسكري يجب أن يخدم استقرار المنطقة ولا يجر الأردن إلى صراعات قد تهدد أمنه القومي أو تزعزع استقرار الإقليم ككل.
هذا الموقف يعكس سياسة الأردن الثابتة التي تفضل الحلول السياسية والدبلوماسية للأزمات الإقليمية، وتشدد على ضرورة احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لاسيما تلك المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
تأثير القرار والتوقعات المستقبلية
قرار الأردن بعدم إرسال قوات إلى غزة يعيد التأكيد على التزامه بالحل الدبلوماسي وتفادي الانزلاق إلى مستنقع التدخل العسكري المباشر في صراعات الإقليم. من المتوقع أن يواصل الأردن دوره كقناة رئيسية للمساعدات الإنسانية والإغاثية، ويستمر في جهوده الدبلوماسية المكثفة لدفع عملية السلام العادل والشامل، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
بالنسبة لمستقبل غزة، فإن غياب القوات الأردنية المحتملة يعني أن المجتمع الدولي سيظل بحاجة للبحث عن آليات أخرى لضمان الأمن والاستقرار في القطاع ما بعد الصراع. هذا قد يشمل دورًا أكبر لقوات دولية متعددة الجنسيات أو ترتيبات أمنية يتم التوافق عليها بين الأطراف المعنية وبرعاية الأمم المتحدة. يبقى الأردن داعمًا لجهود إعادة الإعمار في غزة، ومؤيدًا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كسبيل وحيد لتحقيق الأمن والاستقرار الدائم في المنطقة بأسرها.





