الأردن يعين ممثلاً له في مركز التعاون المدني العسكري بغزة
أعلن الجيش الأردني مؤخراً، وتحديداً في أواخر أكتوبر 2023، عن انتداب ممثل أردني رفيع للمشاركة ضمن الفريق الدولي لـ"مركز التعاون المدني العسكري" (CIMIC) الذي تم افتتاحه حديثاً في قطاع غزة. هذا التعيين يعكس التزام المملكة الأردنية الهاشمية الراسخ بدعم الجهود الإنسانية وجهود الاستقرار في القطاع، ويؤكد على الدور المحوري الذي تضطلع به في معالجة التحديات الإنسانية والأمنية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط.

ماهية مركز التعاون المدني العسكري (CIMIC) ومهمته في غزة
يُعد مركز التعاون المدني العسكري (CIMIC) آلية حيوية ومعترف بها دولياً، تُستخدم في مناطق النزاع وما بعد النزاع لتسهيل التنسيق الفعال بين القوات العسكرية والجهات الفاعلة المدنية. يشمل ذلك المنظمات الإنسانية غير الحكومية، والوكالات التابعة للأمم المتحدة، والجهات الحكومية المحلية والدولية، بالإضافة إلى السكان المحليين المتضررين. الهدف الأساسي لهذه المراكز هو إنشاء جسر للتواصل والثقة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتسهيل تخطيط وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار الضرورية، ودعم استعادة الخدمات الأساسية والبنية التحتية، كل ذلك مع الحفاظ على الحياد العملياتي والفعالية القصوى في بيئة غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر والتحديات اللوجستية.
تم افتتاح هذا المركز تحديداً في قطاع غزة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في موقع استراتيجي قريب من الحدود الشمالية للقطاع. ويأتي هذا الموقع ليؤكد على أهميته كنقطة محورية لجميع الجهود الدولية المشتركة الرامية إلى إغاثة السكان وإرساء أسس التعافي. تتمثل مهام المركز في غزة بشكل أساسي في متابعة تنفيذ بنود أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو أمر حيوي لتهدئة الأوضاع، والإشراف الدقيق على جهود إعادة الإعمار التي تتطلب موارد ضخمة وتنسيقاً فنياً وإدارياً معقداً، بالإضافة إلى تيسير إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية جداً للسكان الذين يواجهون ظروفاً معيشية قاسية للغاية نتيجة للنزاعات المتكررة والحصار.
الدور الأردني التاريخي والالتزام المستمر
يتمتع الأردن بعلاقات تاريخية عميقة مع الشعب الفلسطيني ويُعرف بالتزامه الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة. على مر السنين، قدمت المملكة باستمرار مساعدات إنسانية وطبية حيوية، وشمل ذلك تشغيل مستشفيات ميدانية أردنية في غزة على مدى عقود لتقديم الرعاية الطبية الفورية، وإرسال قوافل إغاثة منتظمة تحمل الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية. إن قرار انتداب ممثل أردني في هذا المركز ليس سوى امتداد لهذا الالتزام الراسخ والمستمر، ويعكس رغبة الأردن في المساهمة بفعالية أكبر ضمن إطار دولي منظم وموحد يضمن أقصى درجات الكفاءة والشفافية.
سيعمل الممثل الأردني ضمن فريق دولي متعدد الجنسيات، وهو ما يعزز تبادل الخبرات والمعلومات بين الشركاء الدوليين ويضمن تبني نهج منسق وشامل في التعامل مع التحديات المعقدة على الأرض. هذا التمثيل المباشر يمنح الأردن صوتاً مؤثراً في عمليات التخطيط والتنفيذ، ويسمح له بالمساهمة بمعرفته العميقة بالمنطقة واحتياجات سكانها الفريدة، بالإضافة إلى فهمه الدقيق للديناميكيات الإقليمية.
الأهمية الاستراتيجية لهذا التعيين وتداعياته
- تيسير وصول المساعدات وإعادة الإعمار الفعالة: يساهم الوجود الأردني الفعال في المركز في تسريع وتيرة إدخال وتوزيع المساعدات الحيوية إلى غزة، ويساعد في تنسيق جهود إعادة الإعمار التي هي في أمس الحاجة إليها بعد فترات طويلة من النزاع. التنسيق المدني العسكري ضروري لتجنب الازدواجية في الجهود وضمان وصول الموارد إلى المستحقين بأكثر الطرق فعالية وإنصافاً.
- تعزيز الاستقرار الإقليمي والأمن: من خلال المشاركة النشطة في جهود الاستقرار في غزة، يؤكد الأردن على دوره كلاعب رئيسي ومسؤول في الحفاظ على الأمن الإقليمي. إن معالجة الأزمة الإنسانية والتخفيف من حدة التوترات في غزة يُعد عنصراً حاسماً ليس فقط لسكان القطاع، بل لاستقرار المنطقة بأسرها، التي تواجه تحديات أمنية متزايدة.
- الدعم الدبلوماسي والإنساني الأردني: يعزز هذا التحرك الموقف الأردني على الساحة الدولية كشريك موثوق به وفاعل في الجهود الإنسانية والدبلوماسية، ويؤكد على التزامه بمبادئ القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين في مناطق النزاع.
- التأثير الإيجابي على الحياة اليومية لسكان غزة: على المدى الطويل، من المتوقع أن يساهم العمل الفعال والمنسق للمركز، بدعم من المشاركة الأردنية النشطة، في تحسين الظروف المعيشية اليومية لسكان غزة من خلال ضمان استمرارية تدفق المساعدات الأساسية وتسهيل تنفيذ مشاريع البنية التحتية الحيوية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والإسكان.
تأتي هذه الخطوة الأردنية في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لتكثيف الجهود لمعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، وتبرز الحاجة الماسة لوجود آليات فعالة لضمان استجابة منسقة وشاملة من المجتمع الدولي. إن انتداب ممثل أردني إلى هذا المركز يمثل استثماراً استراتيجياً في مستقبل الاستقرار والإغاثة لسكان القطاع، ويؤكد على التزام الأردن بالسلام والتعاون الإقليمي.





