الأونروا: غزة تواجه فظائع مستمرة منذ عامين وتصنيف رسمي للمجاعة
صرحت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مؤخرًا بأن قطاع غزة يتعرض لـفظائع مستمرة منذ ما يقارب العامين، وأن الوضع الإنساني قد بلغ حد المجاعة الرسمية في مناطق متعددة من القطاع. تأتي هذه التحذيرات في ظل تصاعد غير مسبوق في الأزمة الإنسانية، والتي شهدت دمارًا واسع النطاق وتدهورًا حادًا في الظروف المعيشية لمئات الآلاف من الفلسطينيين.

خلفية الأزمة الإنسانية في غزة
تستند إشارة الأونروا إلى "عامين" من الفظائع إلى تراكم الظروف الصعبة والقيود المفروضة على قطاع غزة لفترة طويلة، والتي تفاقمت بشكل كارثي منذ التصعيد العسكري الأخير في أكتوبر 2023. لطالما عانى القطاع، الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، من حصار مستمر فرض قيودًا مشددة على حركة الأفراد والبضائع، مما أدى إلى تآكل البنية التحتية، وارتفاع معدلات البطالة، واعتماد كبير على المساعدات الإنسانية. هذه الظروف المسبقة هي التي هيأت الأرضية لسرعة تدهور الأوضاع مع بدء العمليات العسكرية المكثفة.
منذ أكتوبر 2023، شهدت غزة موجات واسعة من النزوح القسري، حيث أُجبرت الغالبية العظمى من السكان على ترك منازلهم. لقد دمرت الغارات الجوية والعمليات البرية أحياء بأكملها، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين، مما ترك السكان دون مأوى أو خدمات أساسية. هذه العمليات العسكرية هي التي حولت الأزمة الإنسانية المزمنة إلى كارثة غير مسبوقة، تُشير إليها الأونروا بـ"الفظائع المستمرة".
التطورات الأخيرة وإعلان المجاعة
في الأسابيع والأشهر الأخيرة، بلغ الوضع الإنساني في غزة مستوى حرجًا دفع بالعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأونروا، إلى التحذير من كارثة وشيكة. تم تصنيف المجاعة رسميًا في أجزاء من القطاع، خاصة في الشمال، بناءً على تقارير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC). يشير هذا التصنيف إلى أن:
- ما لا يقل عن 20% من السكان يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء.
 - واحد من كل ثلاثة أطفال يعاني من سوء التغذية الحاد أو الهزال.
 - شخص واحد على الأقل من بين كل 30 شخصًا يموت يوميًا بسبب الجوع أو مزيج من سوء التغذية والأمراض.
 
تُعد هذه المعايير مؤشرًا على انهيار كامل للنظام الغذائي والصحي. تعاني الأونروا، التي تُعتبر أكبر مزود للمساعدات في غزة، من تحديات جمة في إيصال الإغاثة بسبب القيود المفروضة على المعابر الحدودية، ونقص الوقود والمياه النظيفة، والمخاطر الأمنية المتزايدة. كما أدت اتهامات وجهت لها إلى تجميد تمويل من عدة دول مانحة، مما زاد من صعوبة عملياتها الحيوية.
الآثار والتداعيات
إن إعلان المجاعة ليس مجرد مصطلح تقني، بل يعكس حقيقة مؤلمة يواجهها سكان غزة يوميًا. تشمل الآثار المباشرة وغير المباشرة ما يلي:
- خسائر في الأرواح: ازدياد الوفيات بين الأطفال وكبار السن والمرضى بسبب الجوع والجفاف والأمراض التي تتفشى نتيجة نقص النظافة والمياه الصالحة للشرب.
 - تدهور الصحة العامة: انتشار الأمراض المعدية بسرعة في الملاجئ المكتظة، مع ضعف المناعة بسبب سوء التغذية ونقص الأدوية والخدمات الطبية.
 - صدمة نفسية واجتماعية: يعيش السكان تحت ضغط نفسي هائل بسبب النزوح، فقدان الأحباء، والدمار المستمر، مما يترك آثارًا طويلة الأمد على الصحة النفسية للمجتمع.
 - تهديد الأجيال القادمة: سوء التغذية الشديد في الطفولة يؤدي إلى تأثيرات دائمة على النمو البدني والمعرفي، مما يهدد مستقبل جيل كامل.
 
هذا الوضع الكارثي لا يؤثر فقط على حياة الأفراد اليومية، بل يضع ضغوطًا هائلة على الاستقرار الإقليمي والدولي. تدعو المنظمات الإنسانية والعديد من الحكومات حول العالم إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني. إن الوضع في غزة يمثل دعوة ملحة للضمير العالمي لتقديم استجابة إنسانية عاجلة وفعالة قبل تفاقم الكارثة إلى مستويات لا رجعة فيها.




