البلاط الملكي التايلاندي ينعى الملكة الأم سيريكيت التي توفيت عن عمر يناهز 93 عاماً
أعلن الديوان الملكي في تايلاند في بيان رسمي صدر في الساعات الأولى من صباح اليوم، عن وفاة الملكة الأم سيريكيت، أرملة الملك الراحل بوميبول أدولياديج ووالدة العاهل الحالي للمملكة، الملك ماها فاجيرالونغكورن، عن عمر ناهز 93 عاماً. وجاء في البيان أن الملكة الأم توفيت بسلام في مستشفى سيريراج في بانكوك، حيث كانت تتلقى الرعاية الطبية منذ سنوات طويلة بسبب تدهور حالتها الصحية.

مسيرة حافلة كملكة وأم للأمة
ولدت الملكة سيريكيت في 12 أغسطس 1932، وهي ابنة دبلوماسي تايلاندي بارز. قضت جزءاً من طفولتها في أوروبا، حيث التقت بالملك الشاب آنذاك بوميبول أدولياديج في باريس. تزوجا في 28 أبريل 1950، قبل أسبوع واحد فقط من تتويجه الرسمي ملكاً على تايلاند. ومنذ ذلك الحين، كرست حياتها لدعم زوجها في مهامه الملكية، لتصبح شخصية محورية في الحياة العامة التايلاندية لأكثر من ستة عقود.
اشتهرت الملكة سيريكيت بنشاطها الدؤوب في مجالات الرعاية الاجتماعية والتنمية، حيث كانت ترافق الملك بوميبول في زياراته المكثفة إلى المناطق الريفية والنائية في جميع أنحاء البلاد. ركزت جهودها بشكل خاص على تحسين جودة حياة المواطنين، ودعم المشاريع الصحية والتعليمية، والحفاظ على البيئة.
إحياء الفنون والحرف التقليدية
يُعد إسهامها في إحياء صناعة الحرير التايلاندي من أبرز إنجازاتها. ففي ستينيات القرن الماضي، لاحظت تراجع هذه الحرفة التقليدية، فأطلقت مبادرات واسعة النطاق لتشجيع النساء في القرى على العودة إلى نسج الحرير، وتوفير التدريب والموارد اللازمة لهن. كما أسست مؤسسة "SUPPORT" في عام 1976، وهي منظمة تهدف إلى الحفاظ على الفنون والحرف اليدوية التايلاندية وتوفير مصدر دخل مستدام للحرفيين.
لم تكتفِ بدعم الإنتاج المحلي، بل أصبحت سفيرة عالمية للحرير التايلاندي، حيث ارتدت أزياءً عصرية مصنوعة من أقمشة تقليدية في جولاتها الدولية، مما ساهم في وضعه على خريطة الموضة العالمية. وبفضل جهودها، تحول الحرير التايلاندي من حرفة على وشك الاندثار إلى منتج فاخر يمثل الهوية الثقافية للمملكة.
سنواتها الأخيرة وإرثها الخالد
في العقد الأخير، ابتعدت الملكة الأم سيريكيت عن الظهور العلني بشكل كبير بسبب معاناتها من مشاكل صحية. ورغم غيابها، بقيت صورتها حاضرة بقوة في قلوب الكثير من التايلانديين الذين يعتبرونها "أم الأمة". ويحتفل الشعب التايلاندي بعيد ميلادها في 12 أغسطس من كل عام باعتباره عيد الأم الوطني، تكريماً لمكانتها ودورها.
تمثل وفاتها نهاية حقبة تاريخية مهمة في تايلاند، حيث شكلت مع زوجها الملك بوميبول ثنائياً ملكياً يحظى بتبجيل واسع، ورمزاً للاستقرار والوحدة الوطنية خلال فترة مليئة بالتحولات السياسية والاجتماعية. من المتوقع أن تعلن الحكومة التايلاندية عن فترة حداد رسمي في جميع أنحاء البلاد، سيتم خلالها تنكيس الأعلام وتعليق الأنشطة الاحتفالية احتراماً لذكراها.




