الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي، خلال الساعات الأخيرة، عن تنفيذه سلسلة من الغارات الجوية والمدفعية استهدفت ما وصفها بـ "بنى تحتية عسكرية" تابعة لحزب الله في عدة مناطق بجنوب لبنان. تأتي هذه العمليات في سياق المواجهات الحدودية المستمرة والمتصاعدة بين الطرفين منذ أكثر من ثمانية أشهر، والتي تثير مخاوف دولية من اندلاع حرب واسعة النطاق في المنطقة.

خلفية التصعيد على الجبهة الشمالية
بدأت التوترات الحالية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في 8 أكتوبر 2023، أي بعد يوم واحد من الهجوم الذي قادته حركة حماس على جنوب إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تحولت المنطقة الحدودية إلى ساحة لتبادل شبه يومي لإطلاق النار. يعلن حزب الله أن عملياته تأتي دعمًا للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وتهدف إلى إشغال جزء من القوات الإسرائيلية وتشتيت انتباهها عن الجبهة الجنوبية. في المقابل، تؤكد إسرائيل أن عملياتها ضرورية للدفاع عن بلداتها الشمالية وتدمير القدرات العسكرية لحزب الله التي تعتبرها تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
تطورات ميدانية حديثة
شملت الضربات الإسرائيلية الأخيرة، بحسب بيانات الجيش، أهدافًا متنوعة في بلدات مثل كفركلا والخيام ومركبا. وأفادت المصادر العسكرية الإسرائيلية بأن الغارات استهدفت منصات لإطلاق الصواريخ، ومواقع مراقبة، ومبانٍ عسكرية يستخدمها عناصر الحزب. وجاءت هذه الهجمات ردًا على عمليات نفذها حزب الله خلال الأيام القليلة الماضية، والتي شملت إطلاق صواريخ مضادة للدبابات وطائرات مسيّرة مفخخة باتجاه مواقع عسكرية ومستوطنات في شمال إسرائيل.
من جهته، أصدر حزب الله بيانات تبنى فيها مسؤوليته عن استهداف مواقع وتجمعات للجنود الإسرائيليين على طول الحدود، مؤكدًا أن هذه الهجمات حققت إصابات مباشرة. وتتركز عمليات الحزب بشكل أساسي على أهداف عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك ثكنات ومراكز قيادة وأنظمة تجسس في مناطق مثل مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا.
التداعيات الإنسانية والجهود الدبلوماسية
أدت المواجهات المستمرة إلى تداعيات إنسانية كبيرة على جانبي الحدود. فقد أُجبر عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح من منازلهم في كل من شمال إسرائيل وجنوب لبنان، مما أدى إلى شلل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق. كما تسببت الغارات في دمار واسع للبنية التحتية والمنازل والأراضي الزراعية في القرى اللبنانية الحدودية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تتواصل المساعي الدولية لاحتواء الموقف ومنع الانزلاق إلى حرب شاملة. تقود كل من الولايات المتحدة وفرنسا جهودًا دبلوماسية مكثفة، تتضمن تقديم مقترحات لوقف إطلاق النار وترسيم الحدود البرية. إلا أن هذه الجهود لم تحقق اختراقًا حقيقيًا حتى الآن، حيث يربط حزب الله وقف عملياته بإنهاء الحرب في قطاع غزة، بينما تصر إسرائيل على ضرورة إبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، تطبيقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
السياق الأوسع والمخاطر المستقبلية
تعتبر الجبهة اللبنانية الأخطر والأكثر قابلية للاشتعال خارج قطاع غزة، نظرًا للترسانة العسكرية الكبيرة التي يمتلكها حزب الله والخبرة القتالية التي اكتسبها. ويخشى المراقبون من أن أي خطأ في الحسابات من أي من الطرفين قد يؤدي إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه، مما يجر المنطقة بأسرها إلى صراع إقليمي مدمر. ويبقى مصير هذه الجبهة مرتبطًا بشكل وثيق بمسار المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، والذي يُنظر إليه على أنه المفتاح الأساسي لخفض التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.



