الرئاسة الفلسطينية تعلن استعدادها لإدارة معبر رفح وفق اتفاق دولي سابق
في تطور دبلوماسي مهم يتعلق بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة، أعلنت الرئاسة الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية عن استعدادها الكامل لتولي إدارة وتشغيل معبر رفح البري مع مصر. ويأتي هذا الإعلان كشرط أساسي لانسحاب القوات الإسرائيلية التي سيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر في أوائل مايو 2024، مما أدى إلى إغلاقه بالكامل وتوقف تدفق المساعدات الحيوية وحركة الأفراد.

خلفية الأزمة وإغلاق المعبر
تصاعدت الأزمة عند معبر رفح، الشريان الحيوي لقطاع غزة، بعد أن بسط الجيش الإسرائيلي سيطرته على الجانب الفلسطيني منه كجزء من عملياته العسكرية الموسعة في مدينة رفح. هذا الإجراء أوقف دخول المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها سكان القطاع بشكل كلي، كما منع خروج المرضى والجرحى لتلقي العلاج في الخارج، مما فاقم الكارثة الإنسانية. من جانبها، رفضت مصر التنسيق مع إسرائيل بشأن تشغيل المعبر، مؤكدة أن إدارته يجب أن تتم من خلال طرف فلسطيني مقبول، في موقف حظي بدعم دولي واسع.
تفاصيل المبادرة الفلسطينية وشروطها
أوضحت الرئاسة الفلسطينية أن استعدادها لإدارة المعبر ليس جديدًا، بل يستند إلى إطار قانوني ودولي واضح، وهو اتفاقية المعابر والحركة (AMA) الموقعة في عام 2005. هذه الاتفاقية، التي تم التوصل إليها بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة آنذاك، نصت على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعبر بالتنسيق مع الجانب المصري، وبوجود بعثة مراقبة من الاتحاد الأوروبي تُعرف باسم (EUBAM) لضمان الامتثال للمعايير الدولية.
الموقف الفلسطيني الحالي يهدف إلى إحياء هذا الاتفاق كحل مستدام للأزمة، وتتلخص شروطه الرئيسية في النقاط التالية:
- الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من معبر رفح وعودته إلى وضعه السابق.
- تسليم إدارة المعبر بشكل كامل للسلطة الوطنية الفلسطينية.
- إعادة تفعيل دور بعثة المراقبة الأوروبية (EUBAM) لضمان الشفافية والالتزام بالاتفاق.
الأبعاد السياسية والدولية
يكتسب هذا الإعلان أهمية سياسية بالغة، حيث يضع السلطة الفلسطينية في قلب الجهود الدبلوماسية الرامية لحل أزمة المعبر. يتقاطع الموقف الفلسطيني مع الرؤى المصرية والأمريكية التي تبحث عن بديل لإدارة المعبر يحل محل سيطرة حركة حماس أو الاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من النقاشات الأوسع حول مستقبل حكم قطاع غزة "في اليوم التالي للحرب"، حيث تُطرح السلطة الفلسطينية كخيار رئيسي لإعادة بسط سلطتها على القطاع ضمن حل سياسي شامل.
وقد جاءت التصريحات الفلسطينية استجابة للمشاورات المكثفة التي جرت مؤخرًا بين مسؤولين أمريكيين ومصريين وإسرائيليين، والتي تمحورت حول إيجاد آلية لإعادة فتح المعبر بشكل عاجل. ومن خلال ربط استعدادها باتفاقية 2005، تسعى السلطة الفلسطينية إلى تأكيد شرعيتها الدولية وتقديم حل عملي يرتكز على اتفاقيات سابقة.
أهمية معبر رفح والتحديات المستقبلية
يعد معبر رفح المنفذ الوحيد لغالبية سكان غزة إلى العالم الخارجي، ونقطة الدخول الأساسية للمساعدات الإنسانية والغذاء والدواء والوقود. لذا، فإن استمرار إغلاقه يهدد بوقوع مجاعة وتدهور كامل في المنظومة الصحية. إن إعادة فتحه وتشغيله تحت إدارة فلسطينية وبمراقبة أوروبية لا يمثل فقط حلاً للأزمة الإنسانية الراهنة، بل قد يشكل خطوة أولى نحو استعادة الاستقرار وبناء الثقة في إطار حل سياسي أوسع. إلا أن تحقيق ذلك يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الحصول على موافقة إسرائيلية على الانسحاب، بالإضافة إلى الترتيبات الأمنية واللوجستية المعقدة على الأرض في ظل الوضع الراهن.




