السفير الفلسطيني في لندن: الأولوية لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية في غزة وليس للسلاح
في مقابلة أجريت أواخر نوفمبر 2023، وفي ظل التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية مؤقتة، قدم السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، رؤية واضحة للأولويات الفلسطينية في قطاع غزة، مؤكداً أن التركيز يجب أن ينصب بالكامل على الاحتياجات المدنية العاجلة وإعادة البناء بدلاً من التسلح. وجاءت تصريحاته لشبكة CNN لتعكس حجم المأساة الإنسانية وتحدد مساراً للمرحلة المقبلة يرتكز على إنقاذ الأرواح وإعادة الحياة إلى طبيعتها.

خلفية الاتفاق وردود الفعل الأولية
جاء حديث السفير زملط في أعقاب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار المؤقت وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية. وقد وصف زملط هذا الاتفاق بأنه يمثل "فرصة لالتقاط الأنفاس" للشعب الفلسطيني في غزة، الذي عانى على مدى أسابيع من قصف مكثف وحصار شامل. وأوضح أن الاتفاق، على الرغم من محدوديته، يعد خطوة ضرورية لوقف ما وصفه بأنه "قتل جماعي غير مسبوق وتجويع وتدمير ممنهج" كان يحدث على مرأى من العالم بأسره. وأشار إلى أن هذا التوقف المؤقت للأعمال العدائية سيسمح للعائلات بالبحث عن أحبائها المفقودين تحت الأنقاض ومحاولة تأمين أبسط مقومات الحياة.
أولويات المرحلة المقبلة: الإغاثة وإعادة الإعمار
كانت الرسالة الأبرز في تصريحات زملط هي توضيح الأولويات الفلسطينية بشكل قاطع، والتي لخصها في عبارة رمزية بأن الحاجة الآن هي لـ "حليب الأطفال والجرافات قبل السلاح". وقد فصل هذه الرؤية من خلال التأكيد على أن الأولوية المطلقة تتمثل في الجانب الإنساني والمدني، وتتضمن عدة محاور رئيسية:
- المساعدات الإنسانية الفورية: شدد على ضرورة إدخال كميات كافية ومستدامة من الغذاء والماء والدواء والوقود لتلبية الاحتياجات الكارثية للسكان.
 - إزالة الأنقاض وإعادة البناء: أشار إلى أن الجرافات والمعدات الثقيلة ضرورية لإزالة ركام المباني المدمرة، وإنقاذ العالقين، والبدء في تمهيد الطريق لعملية إعادة إعمار واسعة النطاق للبنية التحتية والمنازل والمستشفيات والمدارس.
 - التركيز على الحياة المدنية: أوضح أن الخطاب يجب أن يتحول من لغة الحرب والسلاح إلى لغة البناء والتنمية وتوفير مستقبل آمن للأجيال القادمة، معتبراً أن الاستثمار في الحياة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار.
 
الدعوة إلى حل سياسي شامل
لم يقتصر حديث السفير زملط على الجانب الإنساني فحسب، بل امتد ليشمل الأفق السياسي. فقد حذر من أن الهدن المؤقتة، على أهميتها، لا يمكن أن تكون بديلاً عن حل سياسي دائم وشامل. وأكد مجدداً على أن السبيل الوحيد لكسر حلقة العنف هو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ودعا المجتمع الدولي إلى الانتقال من دور "إدارة الأزمة" إلى دور "حل الصراع" بشكل جذري، من خلال الضغط من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، والعودة إلى مسار سياسي جاد يفضي إلى تحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أهمية التصريحات وتداعياتها
تكتسب تصريحات السفير الفلسطيني أهميتها من كونها تقدم رؤية دبلوماسية فلسطينية رسمية تعيد ترتيب الأولويات في خضم الحرب. ففي الوقت الذي يركز فيه الخطاب العالمي بشكل كبير على الجوانب العسكرية والأمنية، جاءت دعوته لتسليط الضوء على الكارثة الإنسانية وضرورة إعطاء الأولوية لحياة المدنيين واحتياجاتهم الأساسية. وتعتبر هذه التصريحات محاولة لتوجيه النقاش الدولي نحو متطلبات السلام المستدام، الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.




