السلطات في غزة: تدمير 300 ألف وحدة سكنية جراء الهجمات الإسرائيلية
أعلنت الجهات الرسمية في قطاع غزة، وتحديداً المكتب الإعلامي الحكومي، عن أرقام مفزعة لحجم الدمار الذي لحق بالقطاع السكني جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023. تشير التقديرات الأخيرة إلى أن ما لا يقل عن 300 ألف وحدة سكنية قد تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي، مما يجعلها غير صالحة للسكن. هذا الرقم يسلط الضوء على أزمة إنسانية عميقة، حيث فقد مئات الآلاف من الفلسطينيين منازلهم وممتلكاتهم، وانضموا إلى صفوف النازحين الباحثين عن مأوى في ظل ظروف معيشية قاسية.
تفاصيل حجم الدمار السكني
توضح البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي أن الدمار لم يكن متساوياً، حيث تم تصنيف الأضرار إلى فئتين رئيسيتين. فهناك عشرات الآلاف من الوحدات السكنية التي دُمرت بالكامل وأصبحت ركاماً، فيما تعرضت مئات الآلاف الأخرى لأضرار جسيمة في بنيتها وهيكلها، مما يحول دون إمكانية العودة إليها دون إجراء عمليات ترميم واسعة ومعقدة. يمثل هذا العدد الهائل من الوحدات المتضررة نسبة كبيرة تتجاوز 60% من إجمالي المساكن في قطاع غزة، وهو ما يعكس كثافة الهجمات التي استهدفت مناطق سكنية مكتظة في مختلف أنحاء القطاع، من شماله إلى جنوبه.
- الوحدات المدمرة كلياً: تقدر بأكثر من 79,000 وحدة سكنية.
 - الوحدات المتضررة جزئياً (غير صالحة للسكن): تقدر بنحو 221,000 وحدة سكنية.
 - إجمالي النازحين: أدى هذا الدمار إلى نزوح ما يقارب مليوني شخص، أي غالبية سكان القطاع.
 
أزمة نزوح وتداعيات إنسانية
إن تدمير هذا العدد الهائل من المنازل هو المحرك الأساسي لأكبر موجة نزوح داخلي يشهدها قطاع غزة في تاريخه الحديث. اضطر معظم السكان إلى مغادرة منازلهم قسراً، والبحث عن الأمان في مناطق أخرى، خاصة في جنوب القطاع مثل مدينة رفح، التي أصبحت ملاذاً لأكثر من مليون نازح. يعيش هؤلاء النازحون في ظروف مأساوية داخل مراكز إيواء مكتظة تابعة للأمم المتحدة، أو في خيام مؤقتة لا تقي من برد الشتاء أو حر الصيف، مع انعدام شبه تام للخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الطبية. وقد تفاقمت الأزمة بسبب النقص الحاد في الغذاء والوقود والدواء، مما يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض.
تأثير واسع على البنية التحتية الحيوية
لم يقتصر الدمار على الوحدات السكنية فحسب، بل امتد ليشمل كافة مقومات الحياة المدنية في قطاع غزة. لقد تعرضت البنية التحتية الحيوية لأضرار بالغة، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الخدمات العامة. تشمل الأضرار ما يلي:
- المرافق الصحية: خروج معظم المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة نتيجة الاستهداف المباشر أو نفاد الإمدادات الطبية والوقود.
 - المؤسسات التعليمية: تدمير وتضرر مئات المدارس والجامعات، مما حرم مئات الآلاف من الطلاب من حقهم في التعليم.
 - البنية التحتية للمياه والصرف الصحي: تدمير شبكات المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما أدى إلى تلوث واسع ونقص حاد في مياه الشرب.
 - المرافق الاقتصادية: تدمير آلاف المحال التجارية والورش والمصانع، مما قضى على سبل عيش شريحة واسعة من السكان.
 
تؤكد تقارير صادرة عن منظمات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي، باستخدام صور الأقمار الصناعية والتحليلات الميدانية الأولية، حجم الدمار الهائل الذي يتطابق إلى حد كبير مع الأرقام التي تعلنها السلطات المحلية في غزة. وتشير هذه التقارير إلى أن عملية إعادة الإعمار ستكون طويلة ومعقدة وتتطلب جهوداً دولية ضخمة وموارد مالية هائلة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل استمرار الصراع والحصار المفروض على القطاع.




