الكشف عن هوية الضابط الإسرائيلي هدار جولدن بعد الإفراج عن جثته إثر 11 عاماً من الأسر لدى حماس
في تطور مهم حدث مؤخرًا، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تسلم إسرائيل لجثمان ضابط إسرائيلي من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وقد أكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن الجثمان يعود للضابط هدار جولدن، الذي كان في عداد الأسرى لدى الحركة منذ عام 2014. تمثل هذه الخطوة نهاية اثني عشر عامًا من الغموض والانتظار لعائلة جولدن، وتُعد إشارة إلى حركة محتملة في ملف تبادل الأسرى والجثامين المعقد بين الجانبين.

من هو هدار جولدن؟
هدار جولدن كان ضابطاً في الجيش الإسرائيلي برتبة ملازم ثانٍ، ينتمي إلى لواء غفعاتي. وُلد عام 1991، وكان يُنظر إليه كشاب واعد في الخدمة العسكرية. فقد أُعلن عن فقده وافتراض وفاته في الأول من أغسطس عام 2014، خلال عملية "الجرف الصامد" (الحرب على غزة 2014)، في منطقة رفح جنوب قطاع غزة. وقعت الحادثة التي أدت إلى فقده في يوم عُرف لاحقاً بـ"الجمعة السوداء"، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بعد وقت قصير من سريان وقف إطلاق نار إنساني. كانت الظروف المحيطة بمقتله وأسر جثته غامضة، حيث اتهمت إسرائيل حماس بانتهاك وقف إطلاق النار واختطاف جثمانه.
لطالما اعتبرت إسرائيل جولدن "جندياً سقط مكانه دفنه غير معلوم"، وهو تصنيف يعكس الألم الوطني والعائلي لعدم القدرة على دفن الموتى وفق التقاليد الدينية والعسكرية. ظل ملفه، إلى جانب ملف الجندي أورون شاؤول، الذي يُفترض أيضاً أن جثته محتجزة لدى حماس منذ نفس العملية، يمثل ضغطاً كبيراً على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
سياق احتجاز الرفات
احتجاز رفات الجنود الإسرائيليين من قبل حماس ليس سابقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل هو تكتيك استُخدم مراراً كورقة مساومة في مفاوضات تبادل الأسرى. تهدف حماس من خلال ذلك إلى الضغط على إسرائيل للإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في سجونها. على مدى السنوات التي تلت عام 2014، كانت قضية استعادة جثامين جولدن وشاؤول في صدارة المطالب الإسرائيلية خلال أي مباحثات غير مباشرة مع حماس، سواء عبر الوسطاء المصريين أو القطريين أو الأمم المتحدة.
تزايدت الضغوط على إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث احتجزت حماس ومجموعات فلسطينية أخرى مئات الإسرائيليين، أحياء وأموات، مما زاد من تعقيد المشهد وربط ملف الجنود القدامى بملف الأسرى الجدد. ومع ذلك، فإن الإفراج عن جثمان جولدن في هذا التوقيت يُشير إلى تحرك منفصل أو جزء من صفقة أوسع لم تُعلن تفاصيلها بعد.
عملية التسليم والتداعيات
جاء الإعلان عن تسليم جثمان هدار جولدن هذا الأسبوع بعد جهود مكثفة شارك فيها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ومؤسسات أمنية ودبلوماسية. وقد لعبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور الوسيط في عملية التسليم، وهو دور حيوي في تسهيل مثل هذه العمليات الحساسة بين الأطراف التي ليس لها اتصال مباشر. تؤكد هذه العملية مجدداً أهمية القنوات الإنسانية في سياق النزاعات الطويلة الأمد.
بالنسبة لعائلة جولدن، يمثل هذا التطور إغلاق فصل مؤلم من حياتهم، ويمنحهم أخيراً فرصة دفن ابنهم والحداد عليه بشكل لائق بعد سنوات طويلة من الانتظار والترقب. من الناحية السياسية، يمكن أن يُفسر هذا الإفراج كبادرة حسن نية من حماس، أو كجزء من مفاوضات أوسع نطاقاً تهدف إلى تهدئة التوترات أو الدفع نحو صفقة تبادل شاملة. وقد تثير هذه الخطوة تساؤلات حول مصير رفات الجنود الإسرائيليين الآخرين والأسرى الأحياء المحتجزين لدى حماس، وتأملات حول احتمالية حدوث اختراقات مستقبلية في هذا الملف الشائك.
يُعد هذا الحدث تذكيراً صارخاً بالثمن البشري للصراع المستمر، وبالجهود الدؤوبة التي تبذلها العائلات والحكومات لاستعادة أبنائها، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، من الأسر أو ساحات المعارك.





