حماس تتهم إسرائيل بمنع خروج المحاصرين من أنفاق رفح
صرحت حركة حماس في الأيام الأخيرة أن إسرائيل ترفض السماح بخروج الأفراد المحاصرين داخل شبكة الأنفاق المنتشرة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. تُبرز هذه الاتهامات المخاوف الإنسانية المتزايدة مع تقدم القوات الإسرائيلية في مناطق مكتظة بالسكان، مما يضع حياة المدنيين في خطر مباشر ويزيد من تعقيدات المشهد الإنساني المتردي بالفعل.

خلفية الوضع في رفح وشبكة الأنفاق
أصبحت مدينة رفح، الواقعة على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، الملاذ الأخير لأكثر من مليون ونصف مليون نازح فلسطيني، فروا إليها من مناطق أخرى في القطاع بسبب القصف والعمليات العسكرية. هذه الكثافة السكانية الهائلة في منطقة محدودة جغرافياً أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية. قبل بدء العمليات الإسرائيلية في رفح مؤخراً، كانت المدينة تضم مخيمات مؤقتة ومنازل صغيرة، لكنها باتت اليوم تحت تهديد مباشر للتصعيد العسكري.
لطالما كانت شبكة الأنفاق تحت رفح جزءاً معقداً من المشهد الجيوسياسي للمنطقة. تاريخياً، استُخدمت هذه الأنفاق في تهريب البضائع الأساسية والمحرمة إلى قطاع غزة المحاصر. إلا أنها، في سياق الصراع الحالي، تعتبرها إسرائيل جزءاً حيوياً من البنية التحتية العسكرية لحركة حماس، تستخدمها لتخزين الأسلحة، نقل المقاتلين، وإيواء مراكز القيادة. في المقابل، يرى العديد من الفلسطينيين والمنظمات الإنسانية أن هذه الأنفاق قد استخدمت أيضاً كملاذات للمدنيين الباحثين عن الأمان من الغارات الجوية والقصف، خاصة في غياب ملاجئ آمنة ومحمية دولياً. هذا التباين في النظرة إلى الأنفاق يزيد من صعوبة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية في زمن الحرب.
التطورات الميدانية واتهامات حماس
جاءت اتهامات حماس الأخيرة بالتزامن مع اشتداد وتيرة العمليات البرية الإسرائيلية في شرق رفح، وما تلاها من سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو الشريان الحيوي لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى والمرضى. أكد متحدثون باسم حماس أن جهودهم لتأمين خروج غير المقاتلين من المناطق المحاصرة، بما في ذلك الأفراد الذين يلتمسون اللجوء في الممرات تحت الأرض، قوبلت بالرفض الإسرائيلي لفتح ممرات آمنة أو السماح بتسهيل خروجهم. لم تصدر إسرائيل بياناً مباشراً وواضحاً ينفي هذه الاتهامات أو يؤكدها بخصوص الأنفاق على وجه التحديد، لكنها شددت مراراً على أن عملياتها في رفح تستهدف ما تبقى من كتائب حماس وبنيتها التحتية العسكرية، مؤكدة على حقها في الدفاع عن النفس وتدمير قدرات الحركة. دعت إسرائيل المدنيين في رفح إلى الانتقال إلى مناطق إنسانية موسعة في المواصي، مشيرة إلى أنها تتخذ إجراءات لتخفيف الضرر عن المدنيين، رغم انتقادات دولية واسعة بخصوص عدم كفاية هذه الإجراءات وخطورتها.
الأزمة الإنسانية والمخاوف الدولية
إن مصير الأفراد المحاصرين في الأنفاق أو في أي مناطق أخرى تتعرض للحصار يمثل مصدر قلق بالغ للمنظمات الإنسانية الدولية والهيئات الأممية. ففي ظل غياب ممرات آمنة ومضمونة، يواجه المدنيون مخاطر جمة تشمل:
- نقص الغذاء والماء والدواء: الظروف تحت الأرض تجعل الحصول على الإمدادات الأساسية شبه مستحيل، مما يهدد بانتشار الأمراض والمجاعة.
- الخطر المباشر من العمليات العسكرية: تشكل الغارات الجوية والقصف ونشاط القوات البرية تهديداً مباشراً لحياة المحاصرين، حتى لو كانوا في ملاجئ تحت الأرض.
- غياب الرعاية الطبية: عدم إمكانية الوصول إلى المستشفيات أو الفرق الطبية يعرض الجرحى والمرضى للموت، خاصة الأطفال وكبار السن.
- التأثير النفسي: يعاني المحاصرون من صدمات نفسية شديدة جراء الخوف المستمر والظروف المعيشية القاسية.
الآثار الأوسع للصراع
تضيف هذه الاتهامات الجديدة من حماس طبقة إضافية من التعقيد إلى مفاوضات وقف إطلاق النار التي توقفت بين الطرفين. إن استمرار المعارك وتفاقم الأزمة الإنسانية في رفح، مصحوباً بمثل هذه الاتهامات، يمكن أن يزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل، ويؤثر على موقفها في المحافل الدولية. كما أن هذه التطورات تزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها وتثير مخاوف جدية بشأن احتمالات التصعيد الإقليمي. يدعو المجتمع الدولي باستمرار إلى وقف فوري لإطلاق النار والبحث عن حلول دائمة تضمن حماية المدنيين وتوفر سبل العيش الكريمة لهم، بعيداً عن دائرة العنف المتكررة.
لا يزال الوضع في رفح متقلباً للغاية، مع استمرار العمليات العسكرية وتزايد الضغوط الإنسانية. وتواصل المنظمات الدولية مراقبة الوضع عن كثب، بينما تتجدد الدعوات الملحة لإيجاد حلول عاجلة لضمان سلامة المدنيين وتخفيف معاناتهم في ظل هذا التصعيد المستمر.





