هدار غولدن: من هو الضابط الإسرائيلي الذي تسلمت إسرائيل رفاته
شهدت التطورات الأخيرة في ملف المفقودين الإسرائيليين حدثاً بارزاً، حيث أعلنت إسرائيل مؤخراً تسلمها لرفات عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وقد تبع هذا الإعلان تأكيد من حركة حماس بأن الرفات يعود للضابط الإسرائيلي هدار غولدن، الذي قُتل واحتُجز رفاته في قطاع غزة عام 2014. يأتي هذا التطور بعد سنوات طويلة من المطالبات والجهود الدبلوماسية والعائلية لإعادة رفات الجنود الإسرائيليين ومصير المدنيين المحتجزين. تُعيد هذه الأنباء قضية هدار غولدن إلى الواجهة، وتثير تساؤلات حول تفاصيل الحادثة التي أدت إلى مقتله والظروف التي أحاطت باحتجاز رفاته على مدى عقد من الزمن.

من هو هدار غولدن؟
كان هدار غولدن ملازماً في الجيش الإسرائيلي، خدم كضابط استطلاع في لواء غولاني (بعض المصادر تشير إلى لواء غيفعاتي) وقُتل عن عمر يناهز 23 عاماً. تخرج غولدن من مدرسة عسكرية داخلية قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية الإلزامية. كان يُنظر إليه على أنه ضابط واعد، وقد تركت حادثة مقتله واحتجاز رفاته أثراً عميقاً على عائلته والمجتمع الإسرائيلي ككل، الذي يولي أهمية قصوى لإعادة جثامين جنوده لأسباب دينية ووطنية.
تفاصيل حادثة "الجمعة السوداء" في رفح عام 2014
تعود قصة هدار غولدن إلى عملية "الجرف الصامد" (تسميها إسرائيل: "القيادة الواقية") في صيف عام 2014، وتحديداً في يوم 1 أغسطس، الذي أُطلق عليه لاحقاً اسم "الجمعة السوداء". في ذلك اليوم، كان من المفترض أن يدخل وقف إطلاق نار إنساني حيز التنفيذ لمدة 72 ساعة، لكنه انهار بعد ساعات قليلة. كان الملازم غولدن ضمن قوة إسرائيلية تعمل بالقرب من مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وفقاً للرواية الإسرائيلية، تعرضت القوة لكمين نصبه مسلحون من حماس بعد وقت قصير من بدء الهدنة. أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، من بينهم غولدن، الذي يُعتقد أن جثته أو أجزاء منها قد سُحبت إلى نفق من قبل مقاتلي حماس. أعلنت إسرائيل في البداية عن غولدن كمفقود في العمليات، ثم لاحقاً "جندي قُتل ولم يُعثر على مكان دفنه". أثارت هذه الحادثة غضباً واسعاً في إسرائيل ووضعت ملف غولدن ضمن أولويات القيادة الأمنية والسياسية.
الجهود المستمرة لإعادة الرفات والمحتجزين
على مدار السنوات التسع الماضية، كانت قضية رفات هدار غولدن، ورفات الجندي الآخر أورون شاؤول الذي قُتل في نفس الحرب، بالإضافة إلى مصير مواطنين إسرائيليين مدنيين يعتقد أنهما محتجزان في غزة (أفيرا منغيستو وهشام السيد)، محور اهتمام إسرائيلي مكثف. بذلت عائلة غولدن، بدعم من الجمهور الإسرائيلي، جهوداً حثيثة على المستويين الوطني والدولي لضمان عودة رفات ابنها.
كانت إسرائيل تضغط باستمرار على حماس عبر وسطاء، أبرزهم مصر والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، للمطالبة بعودة الجنود والمحتجزين. في المقابل، ربطت حركة حماس هذه القضية بملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، سعيًا لإبرام صفقة تبادل أسرى واسعة النطاق. وقد كانت هناك مفاوضات غير مباشرة عدة مرات، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى التطور الأخير.
التداعيات والأهمية
إن تسلم إسرائيل للرفات، وما تبع ذلك من تأكيد حماس على أنه يعود لهدار غولدن، يمثل نقطة تحول مهمة في هذه القضية الشائكة. على الرغم من أن تفاصيل ما إذا كانت الرفات هي بالفعل لغولدن وما إذا كانت تمثل نهاية الملف بشكل كامل لم تتضح بعد، إلا أن هذا التطور يحمل أهمية كبيرة:
- بالنسبة لعائلة غولدن: قد يوفر هذا التسلم شعوراً بالإغلاق بعد عقد من الانتظار والمعاناة، مما يتيح لهم دفن ابنهم بشكل لائق وفقاً لتقاليدهم.
- بالنسبة لإسرائيل: تجسد هذه القضية التزام الدولة بإعادة جميع جنودها، أحياءً أو أمواتاً، وتعتبر جزءاً من العقيدة العسكرية والأخلاق الوطنية.
- بالنسبة لحماس: قد يشير تسليم الرفات إلى رسالة معينة أو محاولة للتأثير على الديناميكيات الإقليمية، أو ربما هو جزء من تسوية أوسع لم تُعلن بعد.
- للمنطقة: تُبرز هذه القضية مدى تعقيد النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تتداخل الجوانب الإنسانية والأمنية والسياسية.
يبقى التأكد من هوية الرفات والتفاصيل الكاملة لعملية التسليم أمراً بالغ الأهمية. ومع ذلك، فإن هذا الإعلان يُعيد تسليط الضوء على إحدى القضايا الأكثر حساسية وإنسانية في النزاع، ويُذكر بالثمن الباهظ للصراعات المستمرة.





