مساعٍ أمريكية لصفقة تهدف لإخراج مقاتلي حماس من رفح مقابل رفات جندي
كشفت تقارير صحفية، استناداً إلى مصادر إعلامية إسرائيلية خلال فترة منتصف عام 2020، عن جهود دبلوماسية تقودها الإدارة الأمريكية آنذاك للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس. تمحورت هذه الجهود حول مقترح يقضي بالسماح لمقاتلي حماس المحاصرين في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، بالخروج الآمن من المنطقة. وفي المقابل، تشترط المبادرة أن تقوم حماس بتسليم رفات الجندي الإسرائيلي هدار غولدن، الذي قُتل وأُسرت جثته خلال حرب غزة عام 2014. وقد ارتبطت هذه المحادثات بزيارة قام بها المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، جاريد كوشنر، إلى المنطقة في ذلك الوقت، مما أبرز الأهمية التي توليها واشنطن لهذه القضية.

خلفية التوترات في رفح
تعتبر مدينة رفح، الواقعة على الحدود بين قطاع غزة ومصر، منطقة ذات أهمية استراتيجية بالغة. ولطالما نظرت إسرائيل إلى المدينة على أنها أحد المعاقل الأخيرة المتبقية لقيادات وعناصر حركة حماس، وأعلنت مرارًا عن نيتها تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق فيها لاستكمال أهدافها بتفكيك البنية العسكرية للحركة. من ناحية أخرى، أثارت هذه التهديدات قلقًا دوليًا وإقليميًا كبيرًا، خاصة من جانب مصر والولايات المتحدة، نظرًا للكثافة السكانية الهائلة في المدينة، والتي تضم مئات الآلاف من النازحين، والمخاوف من وقوع كارثة إنسانية وتداعيات أمنية على الحدود المصرية.
تفاصيل المبادرة الأمريكية
سعت المبادرة الأمريكية إلى تقديم مخرج دبلوماسي يجنّب المنطقة عملية عسكرية مدمرة في رفح. وبحسب ما تم تداوله، فإن المقترح لم يكن يهدف إلى تحقيق تسوية شاملة، بل كان حلاً تكتيكيًا لمعالجة نقطتين محوريتين:
- خروج مقاتلي حماس: يقضي المقترح بتوفير ممر آمن لمقاتلي حماس لمغادرة رفح إلى وجهة غير محددة، مما يتيح لإسرائيل تحقيق هدفها المتمثل في السيطرة على المدينة دون خوض معركة برية واسعة النطاق.
- استعادة رفات الجندي: الشرط الأساسي الذي وضعته الولايات المتحدة وإسرائيل لتنفيذ هذا المقترح هو قيام حماس بتسليم رفات الجندي هدار غولدن. وتُعد قضية الجنود المفقودين والمحتجزين ملفًا شديد الحساسية في المجتمع الإسرائيلي، وغالبًا ما يشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومات المتعاقبة.
قضية الجنود الإسرائيليين المفقودين
تعود قضية الجندي هدار غولدن إلى عملية "الجرف الصامد" في عام 2014، حيث قُتل خلال اشتباك مع مقاتلين من حماس وتم أسر جثمانه. ومنذ ذلك الحين، تخوض عائلته حملة واسعة للمطالبة باستعادته. تحتجز حماس أيضًا رفات جندي آخر هو أورون شاؤول، الذي قُتل في نفس الحرب، بالإضافة إلى عدد من المدنيين الإسرائيليين الذين دخلوا غزة في ظروف مختلفة. ويمثل هذا الملف أحد أعقد جوانب الصراع، حيث ترفض حماس تقديم أي معلومات دون مقابل، والذي عادة ما يكون إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه الأخبار في أنها تسلط الضوء على الجهود الدبلوماسية التي تُبذل خلف الكواليس لإدارة الصراع ومنع escalations. فمن منظور أمريكي، كان نجاح مثل هذه الصفقة سيمثل إنجازًا يساهم في تحقيق استقرار نسبي ويمنع أزمة إنسانية ودبلوماسية مع الحلفاء الإقليميين مثل مصر. أما بالنسبة لإسرائيل، فقد كان المقترح يضعها أمام خيار صعب بين تحقيق هدف عسكري حاسم في رفح، وبين تحقيق هدف وطني وإنساني باستعادة رفات جنديها، مع تجنب التكاليف البشرية والمادية لعملية عسكرية واسعة. من جانبها، لم يصدر عن حركة حماس رد فعل رسمي وواضح على هذه التقارير، إلا أن مواقفها السابقة تشير إلى أنها تربط أي صفقة تتعلق بالجنود الإسرائيليين بملف الأسرى الفلسطينيين، مما يجعل تحقيق اتفاق قائم على هذا الأساس فقط أمرًا بالغ الصعوبة.





