بوساطة أمريكية، تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاق سلام تاريخي لإنهاء نزاع حدودي طويل الأمد
في تطور دبلوماسي بارز، شهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد في العاصمة الماليزية كوالالمبور، مراسم توقيع اتفاق سلام شامل بين مملكة تايلاند ومملكة كمبوديا، بهدف إنهاء عقود من التوتر والاشتباكات المتقطعة على حدودهما المشتركة. ووُصف الاتفاق بأنه يطوي صفحة نزاع معقد، عُرف إعلامياً في بعض الدوائر الإقليمية بـ"الحرب الثامنة"، في إشارة إلى طبيعته المستمرة والمراحل المتعددة التي مر بها.
خلفية النزاع التاريخي
يعود جذور التوتر بين البلدين الجارين في جنوب شرق آسيا إلى نزاعات حدودية قديمة، تركزت بشكل خاص حول ملكية معبد برياه فيهيار الهندوسي الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية في عام 1962 حكماً بأحقية كمبوديا في المعبد، لكن الخلافات استمرت حول الأراضي المحيطة به، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عسكرية متقطعة على مر السنين، كان أعنفها في عامي 2008 و2011، وأسفرت عن سقوط ضحايا من الطرفين ونزوح آلاف المدنيين.
أدت هذه المواجهات إلى تعميق انعدام الثقة وتأثير سلبي على العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي في المناطق الحدودية. ورغم الجهود الدبلوماسية المتعددة التي قادتها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ظلت الحلول الجزئية غير قادرة على معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، مما أبقى الوضع قابلاً للاشتعال.
تفاصيل الاتفاق ودور الوساطة الأمريكية
لعبت الإدارة الأمريكية دوراً محورياً في التوصل إلى هذا الاتفاق، حيث قادت جهود وساطة مكثفة على مدار الأشهر الماضية عبر مبعوثين خاصين. وتوجت هذه الجهود بعقد قمة ثلاثية في كوالالمبور، التي اختيرت كمكان محايد، لضمان نجاح المفاوضات النهائية. وأكد مسؤولون أن الحوار تركز على بناء الثقة وتقديم ضمانات أمنية واقتصادية للطرفين.
يتضمن الاتفاق الذي وُقع بحضور رئيسي وزراء البلدين، عدة بنود رئيسية تهدف إلى تحقيق سلام دائم، من أبرزها:
- ترسيم نهائي للحدود في المناطق المتنازع عليها بناءً على الخرائط والوثائق التاريخية المعتمدة من لجان فنية مشتركة.
- إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق عدة كيلومترات على جانبي الحدود، وتسيير دوريات مراقبة مشتركة لمنع الاحتكاكات العسكرية.
- وضع إطار لإدارة مشتركة أو بتنسيق دولي للمناطق ذات الأهمية التاريخية والثقافية، بما في ذلك محيط معبد برياه فيهيار، لتعزيز السياحة والحفاظ على التراث.
- إطلاق حزمة من المشاريع الاقتصادية المشتركة لتنمية المناطق الحدودية، تشمل تحسين البنية التحتية وتسهيل التجارة البينية.
الأهمية وردود الفعل
وصف الرئيس ترامب الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي يعكس قوة الدبلوماسية الأمريكية"، مشيراً إلى أن إدارته ملتزمة بتعزيز السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. من جانبهما، أعرب زعيما تايلاند وكمبوديا عن امتنانهما للوساطة الأمريكية، وأكدا أن الاتفاق يفتح فصلاً جديداً من الصداقة والتعاون بين شعبيهما، مما سيعود بالنفع على الأجيال القادمة.
على الصعيد الدولي، لاقى الاتفاق ترحيباً واسعاً من الأمم المتحدة ودول الآسيان، التي اعتبرته نموذجاً لحل النزاعات بالطرق السلمية. ويُعتقد أن هذا التطور سيعزز بشكل كبير الاستقرار الإقليمي ويشجع على تكامل اقتصادي أعمق بين دول المنطقة. كما يمثل نجاحاً دبلوماسياً لإدارة ترامب في سياق سياستها الخارجية التي ركزت على إبرام الصفقات وحل النزاعات الدولية المعقدة.





