تحول في موقف ترامب: من التأييد المزعوم إلى التهديد العسكري ضد حماس
في تطور لافت خلال الساعات الماضية، شهد موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحولًا حادًا تجاه حركة حماس، حيث انتقل من تصريحات فُسرت على أنها إشادة بقوة الحركة إلى إطلاق تهديدات صريحة بعمل عسكري ضدها. أثارت هذه التقلبات جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية، وسلطت الضوء مجددًا على أسلوب ترامب غير المتوقع في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية الحساسة.

خلفية التصريحات المثيرة للجدل
بدأت القصة خلال مقابلة أجريت مع ترامب في وقت سابق هذا الأسبوع، حيث علّق على الصراع في غزة. وفي سياق حديثه عن أداء الأطراف المختلفة، أدلى بتصريحات وصف فيها حماس بأنها "ذكية جدًا" و"قوية"، مع تلميحات تنتقد أداء الاستخبارات الإسرائيلية. ورغم أن سياق الحديث كان يركز على الجانب التكتيكي، إلا أن اختيار الكلمات أدى إلى تفسيرها من قبل العديد من وسائل الإعلام والخصوم السياسيين على أنها نوع من الإشادة بالحركة المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
انتشرت هذه التصريحات بسرعة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، مما أثار موجة من الانتقادات التي اتهمت ترامب بالابتعاد عن الموقف الأمريكي التقليدي الداعم لإسرائيل بشكل مطلق، والتعاطف بشكل غير مباشر مع خصومها.
ردود الفعل الفورية والانتقادات
لم تتأخر ردود الفعل على تصريحات ترامب الأولية، حيث جاءت قوية ومن جهات متعددة، مما شكل ضغطًا كبيرًا على حملته الانتخابية. وشملت أبرز ردود الفعل ما يلي:
- الحكومة الإسرائيلية: أعرب مسؤولون إسرائيليون، في تصريحات غير رسمية، عن "صدمتهم وقلقهم" من هذه التعليقات، معتبرين أنها تقوض المجهود الحربي وتوفر دعاية مجانية لحماس.
- السياسيون الأمريكيون: استغل الحزب الديمقراطي الفرصة لمهاجمة ترامب، واصفًا تصريحاته بـ"الخطيرة وغير المسؤولة". كما واجه ترامب انتقادات من داخل حزبه الجمهوري، حيث سارع العديد من الصقور والمشرعين المؤيدين لإسرائيل إلى تأكيد دعمهم الكامل لتل أبيب والنأي بأنفسهم عن تعليقاته.
- المنظمات الموالية لإسرائيل في أمريكا: أصدرت منظمات مثل "إيباك" بيانات تندد فيها بالتصريحات، مؤكدة أنها لا تعكس مشاعر الشعب الأمريكي وتضر بأمن إسرائيل.
التراجع والتهديد العسكري
في مواجهة العاصفة السياسية، قام ترامب بتغيير لهجته بشكل جذري. ففي منشور على منصته للتواصل الاجتماعي، ثم في تصريحات لاحقة، تراجع عن المعنى الذي فُهم من كلامه، مؤكدًا أن وسائل الإعلام "الإخبارية الكاذبة" قامت بتحريف كلماته عمدًا. وشدد على أن دعمه لإسرائيل "لا يتزعزع ومطلق".
ولإزالة أي شكوك حول موقفه، انتقل ترامب إلى الهجوم، مطلقًا تهديدًا مباشرًا لحماس. وصرح بأنه في حال عودته إلى الرئاسة، فإنه سيعطي الضوء الأخضر للقيام بـ"عمل عسكري حاسم ومدمر" للقضاء على الحركة، متعهدًا بتقديم دعم أمريكي غير محدود لإسرائيل لتحقيق هذا الهدف. وأكد أن "أي تعاطف مع حماس هو خيانة للقيم الأمريكية ولأمن حلفائنا".
الأهمية والسياق السياسي
يكشف هذا الحادث عن ديناميكية معقدة في المشهد السياسي الأمريكي، خاصة خلال موسم الانتخابات. فهو من ناحية، يسلط الضوء على استراتيجية ترامب الإعلامية التي تعتمد على التصريحات الصادمة لجذب الانتباه، حتى لو أدت إلى عواقب سلبية قصيرة المدى. ومن ناحية أخرى، يوضح مدى حساسية قضية أمن إسرائيل في السياسة الأمريكية، حيث لا يوجد مجال للغموض أو المواقف المزدوجة.
يؤكد هذا التحول السريع في الموقف أن أي تصريح يمكن أن يُستغل من قبل الخصوم السياسيين، ويجبر المرشحين على توضيح مواقفهم بشكل مستمر. كما أنه يعكس التوازن الدقيق الذي يحاول ترامب الحفاظ عليه بين قاعدته التي تتبنى شعار "أمريكا أولاً" وبين ضرورة الحفاظ على التحالفات الدولية التقليدية، وعلى رأسها التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل.





