تراجع الذهب لأدنى مستوى شهري قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية الحاسمة
شهدت أسعار الذهب انخفاضًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الأربعاء، لتصل إلى أدنى مستوياتها المسجلة خلال شهر أكتوبر، وذلك في ظل حالة من الترقب الحذر التي تسيطر على المستثمرين قبيل الكشف عن بيانات التضخم الرئيسية في الولايات المتحدة. ويأتي هذا التراجع مدفوعًا بمخاوف من أن تشير البيانات إلى استمرار الضغوط التضخمية، مما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى مواصلة سياسته النقدية المتشددة ورفع أسعار الفائدة بوتيرة سريعة.

أبرز التطورات في أسواق الذهب
خلال جلسة التداول، تراجعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة وصلت إلى 0.5%، لتستقر عند مستوى قريب من 1665 دولارًا للأونصة. كما شهدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب انخفاضًا مماثلًا، مما يعكس عزوف المستثمرين عن المخاطرة وتفضيلهم انتظار صدور البيانات الاقتصادية الهامة التي ستحدد مسار السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة. ويعتبر هذا المستوى هو الأدنى الذي يسجله المعدن الأصفر منذ بداية الشهر، مما يمحو جزءًا من المكاسب التي حققها في وقت سابق.
تأثير بيانات التضخم المرتقبة
يتركز اهتمام الأسواق بشكل أساسي على تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة، والذي يعد مقياسًا رئيسيًا للتضخم. من المتوقع أن تُظهر البيانات، المقرر صدورها في وقت لاحق من هذا الأسبوع، أن التضخم لا يزال عند مستويات مرتفعة تاريخيًا، على الرغم من جهود الاحتياطي الفيدرالي لكبحه. وتعتبر هذه البيانات حاسمة لأنها تؤثر بشكل مباشر على قرارات السياسة النقدية.
- التوقعات والتأثير: إذا جاءت أرقام التضخم أعلى من المتوقع، فإن ذلك سيعزز من احتمالية قيام الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الرابعة على التوالي في اجتماعه المقبل.
- العلاقة بالذهب: تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول التي لا تدر عائدًا، مثل الذهب، مما يقلل من جاذبيته الاستثمارية مقارنة بالسندات الحكومية التي تقدم عوائد أعلى.
عوامل أخرى مؤثرة
إلى جانب ترقب بيانات التضخم، هناك عوامل أخرى تضغط على أسعار الذهب في الوقت الحالي. فقد واصل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعه، محومًا بالقرب من أعلى مستوياته في عقدين. ويؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى جعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، وهو ما يحد من الطلب العالمي عليه. بالإضافة إلى ذلك، استمرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات في الارتفاع، مما يوفر للمستثمرين بديلاً استثماريًا آمنًا ومدرًا للعائد، ويسحب السيولة من سوق الذهب.
نظرة على السياق الأوسع
في المجمل، يواجه الذهب بيئة اقتصادية صعبة حيث تتضاءل جاذبيته كملاذ آمن في مواجهة التشديد النقدي القوي من قبل البنوك المركزية العالمية. وعلى الرغم من المخاوف الجيوسياسية وحالة عدم اليقين الاقتصادي التي تدعم الذهب نظريًا، فإن تأثير السياسات النقدية وارتفاع الدولار يظل هو العامل المهيمن على حركة الأسعار في المدى القصير. ستكون الساعات المقبلة حاسمة في تحديد الاتجاه التالي للمعدن الثمين، حيث ستقوم الأسواق بإعادة تقييم توقعاتها بناءً على الأرقام الفعلية لمؤشر أسعار المستهلكين ورد فعل صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي.





