ترامب يستبعد إرسال قوات أمريكية لمواجهة حماس بعد تهديد سابق
في توضيح مهم لموقف إدارته خلال فترة التوترات المتصاعدة في قطاع غزة، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مايو 2018 أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات عسكرية لمقاتلة حركة "حماس". جاء هذا التصريح ليضع حداً للتكهنات التي أثارتها تحذيرات سابقة صدرت عن واشنطن، مؤكداً أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يظل في إطاره السياسي والدبلوماسي دون الانجرار إلى تدخل عسكري مباشر.

خلفية التوترات وتصريحات الإدارة الأمريكية
جاءت تصريحات ترامب في وقت كانت فيه الأوضاع على الحدود بين غزة وإسرائيل شديدة الاشتعال. شهدت تلك الفترة انطلاق مسيرات "العودة الكبرى" التي نظمها الفلسطينيون، والتي تزامنت مع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهي خطوة أثارت غضباً واسعاً في العالم العربي والإسلامي. أدت المواجهات على الحدود إلى سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين، مما وضع ضغوطاً دولية على إسرائيل والولايات المتحدة.
في ظل هذه الأحداث، كانت إدارة ترامب قد وجهت انتقادات حادة لحركة "حماس"، محملة إياها المسؤولية الكاملة عن العنف والتحريض على المواجهات. صدرت تصريحات من مسؤولين أمريكيين بدت وكأنها تهديد برد قوي إذا استمرت الهجمات من غزة، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا الرد وما إذا كان قد يشمل عملاً عسكرياً أمريكياً.
توضيح الموقف: لا تدخل عسكرياً مباشراً
رداً على هذه التكهنات، حسم ترامب الجدل بشكل قاطع. أوضح أن الولايات المتحدة لا تنوي إشراك قواتها في أي عمل قتالي محتمل ضد "حماس". وأكد أن إسرائيل تمتلك القدرة الكافية للدفاع عن نفسها، وأن دور واشنطن يقتصر على تقديم الدعم اللازم لها. فصل هذا التوضيح بين الدعم السياسي القوي الذي تقدمه إدارته لإسرائيل وبين الالتزام العسكري المباشر على الأرض، وهو ما يتماشى مع سياسة أمريكية تاريخية تهدف إلى تجنب التورط في نزاعات إقليمية معقدة.
- الدعم السياسي: تمثل في الدفاع عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في المحافل الدولية واستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرارات تدينها.
- غياب التدخل العسكري: أكد التوضيح أن التحذيرات الموجهة لحماس لا تعني استعداداً أمريكياً لإرسال جنود، بل هي رسالة سياسية تهدف إلى ردع الحركة.
- الاعتماد على الحليف: عكس التصريح ثقة الإدارة الأمريكية في قدرة الجيش الإسرائيلي على التعامل مع التهديدات الأمنية الصادرة من غزة دون الحاجة لمساعدة قتالية مباشرة.
السياق الإقليمي والدولي وردود الفعل
كان الموقف الدولي منقسماً بشدة حيال الأحداث في غزة. أدانت العديد من الدول الأوروبية والأمم المتحدة الاستخدام المفرط للقوة من قبل إسرائيل، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل. في المقابل، وقفت الولايات المتحدة بحزم إلى جانب إسرائيل، معرقلة أي محاولة لإدانة دولية. في هذا السياق، جاء توضيح ترامب ليطمئن بعض الأطراف الدولية التي كانت تخشى من تصعيد أمريكي يزيد من تعقيد المشهد.
على الصعيد الإقليمي، كانت دول مثل مصر تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى تهدئة ووقف لإطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل. ومن المرجح أن موقف ترامب بعدم التدخل العسكري قد أعطى زخماً لهذه الجهود، حيث أزال من المعادلة متغيراً كان يمكن أن يؤدي إلى انفجار أوسع للوضع.
أهمية التصريح وتداعياته
تكمن أهمية هذا التوضيح في أنه رسم حدوداً واضحة لطبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي في عهد ترامب. فعلى الرغم من الخطوات غير المسبوقة التي اتخذها لدعم إسرائيل، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل السفارة، إلا أنه أظهر في الوقت نفسه التزاماً بمبدأ "أمريكا أولاً" الذي يميل إلى تجنب التدخلات العسكرية المكلفة. لقد أرسل رسالة مفادها أن الدعم الأمريكي لا يعني شيكاً على بياض للتدخل العسكري المباشر في كل أزمة.
كما عكس التصريح تقييماً استراتيجياً بأن التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد يأتي بنتائج عكسية، ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة، ويورط الولايات المتحدة في صراع لا يخدم مصالحها المباشرة. بالتالي، فضل ترامب الاعتماد على الضغط الدبلوماسي والاقتصادي إلى جانب دعم القدرات العسكرية الإسرائيلية كأدوات أساسية لسياسته في المنطقة.




