ترامب يهدد بحجب التمويل عن نيويورك حال انتخاب عمدة "يساري راديكالي"
خلال فترة رئاسته، وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحذيرات متكررة بأنه قد يعلّق أو يقلص التمويل الفيدرالي الموجه إلى مدينة نيويورك، مسقط رأسه. كانت هذه التهديدات مرتبطة بشكل وثيق بالقيادة السياسية للمدينة، والتي دأب على وصفها بأنها تتبنى سياسات "يسارية راديكالية". وقد تصاعد هذا الخطاب بشكل ملحوظ خلال عام 2020، بالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة والسباق الرئاسي، حيث ربط ترامب استحقاق المدينة للدعم الحكومي بتوجهاتها السياسية وكيفية إدارتها لملفات الأمن العام.

خلفية الصراع السياسي
تعود جذور هذه المواجهة إلى الخلافات العميقة بين إدارة ترامب والمسؤولين الديمقراطيين في المدن الأمريكية الكبرى. في نيويورك، كان الصدام واضحاً مع كل من عمدة المدينة آنذاك، بيل دي بلاسيو، وحاكم الولاية أندرو كومو. انتقد ترامب باستمرار أسلوب إدارتهما، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا مثل التعامل مع معدلات الجريمة، واحتجاجات "حياة السود مهمة"، والسياسات المتعلقة بعمل الشرطة. واعتبر أن هذه المدن "تتسامح مع الفوضى"، مما يجعلها في نظره غير مستحقة للدعم الفيدرالي الكامل.
تصنيف "المدن الفوضوية"
تجسد هذا التهديد بشكل عملي في سبتمبر 2020، عندما أصدرت وزارة العدل في عهد ترامب مذكرة رسمية صنفت مدينة نيويورك، إلى جانب سياتل وبورتلاند، كـ"ولايات قضائية فوضوية". كان الهدف من هذا الإجراء هو إنشاء أساس قانوني يسمح بحجب الأموال الفيدرالية عن هذه المدن. استند التصنيف إلى اتهامات مثل "منع الشرطة من التدخل لاستعادة النظام" و"خفض ميزانيات أقسام الشرطة". أثارت هذه الخطوة انتقادات قانونية وسياسية واسعة، حيث اعتبرها المسؤولون المحليون تجاوزاً للسلطة ومحاولة للابتزاز السياسي.
خطاب "العمدة اليساري"
في هذا السياق، جاءت تصريحات ترامب التي حذر فيها من عواقب مالية وخيمة إذا فاز مرشح يوصف بأنه "شيوعي" أو "اشتراكي" بمنصب عمدة نيويورك. لم يكن استخدام هذه المصطلحات موجهاً بالضرورة لمرشح معين، بل كان جزءاً من استراتيجيته الخطابية لوصم خصومه من الديمقراطيين التقدميين والاشتراكيين. عكست هذه التصريحات قلقه من أن يؤدي انتخاب قيادة أكثر يسارية إلى تعزيز سياسات يعارضها بشدة، مثل تقليص تمويل الشرطة أو فرض قيود تنظيمية أوسع على قطاع الأعمال.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
قوبلت تهديدات ترامب برفض قاطع من المسؤولين في نيويورك، الذين وصفوا هذه الإجراءات بأنها "غير قانونية وغير دستورية"، مؤكدين أن الإدارة الفيدرالية لا تملك الحق في معاقبة المواطنين بناءً على خلافات سياسية. كما توعدوا باللجوء إلى القضاء لمواجهة أي محاولة فعلية لقطع التمويل. وحذر خبراء اقتصاديون من أن تنفيذ هذا التهديد كان سيؤدي إلى أزمة حادة، نظراً لاعتماد المدينة على الدعم الفيدرالي في قطاعات حيوية، منها:
- النقل العام ومشاريع البنية التحتية.
 - برامج الإسكان العام والمساعدات الاجتماعية.
 - تمويل أجهزة إنفاذ القانون وخدمات الطوارئ.
 - قطاعا الصحة العامة والتعليم.
 
ورغم أن هذه التهديدات لم تُنفذ بالكامل بسبب العقبات القانونية والسياسية التي واجهتها، إلا أنها شكلت فصلاً مهماً في العلاقة المتوترة بين الحكومة الفيدرالية والمدن الكبرى خلال رئاسة ترامب، وأبرزت استخدامه للأدوات المالية كوسيلة للضغط السياسي.





