تصاعد التوتر في غزة: إسرائيل تهدد باستئناف القتال بسبب «أزمة الرفات» وحماس تؤكد الحاجة لمعدات خاصة لانتشال الجثث
شهدت الأوضاع في قطاع غزة تصعيداً حاداً في الآونة الأخيرة، مدفوعاً بـ«أزمة الرفات» العالقة. فقد أطلقت إسرائيل تحذيرات شديدة اللهجة بالعودة إلى القتال في القطاع، في حال عدم تحقيق تقدم في استعادة رفات جنودها. في المقابل، تؤكد حركة حماس أن انتشال الجثث المتبقية يتطلب معدات وتقنيات خاصة لا تتوفر لديها بسهولة، ما يعكس تعقيد هذه القضية التي تتجاوز البعد الإنساني لتصبح ورقة ضغط سياسية.

الخلفية
لطالما شكلت قضية رفات الجنود والمفقودين، من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، نقطة حساسة ومحورية في الصراع الدائر. بالنسبة لإسرائيل، تُعد استعادة رفات جنودها أولوية وطنية وإنسانية قصوى، وتكتسب أهمية بالغة لأسر الجنود الذين فُقدوا في معارك سابقة. وقد تركت جولات الصراع المتكررة في غزة، بما في ذلك عملية «الجرف الصامد» عام 2014، عدداً من المفقودين من الطرفين.
- تاريخياً، كانت عمليات تبادل الأسرى ورفات الموتى وسيلة للتفاوض غير المباشر بين الجانبين، وغالباً ما تتم بوساطة دولية.
- اشتملت هذه التبادلات في كثير من الأحيان على إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين مقابل رفات جنودها أو أسرى أحياء تحتجزهم حماس.
- تعتبر حماس الرفات والأسرى الأحياء ورقة تفاوضية مهمة، تسعى من خلالها لتحقيق مطالب تتعلق بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أو تخفيف الحصار على القطاع.
التطورات الأخيرة
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة التصريحات الإسرائيلية، حيث عبر مسؤولون عن نفاد صبرهم إزاء عدم إحراز تقدم في استعادة ما يعتقدون أنها رفات جنودهم المحتجزين في غزة. وقد هددت الحكومة الإسرائيلية علناً بتكثيف الضغط العسكري أو شن عمليات جديدة إذا لم تتعاون حماس في تسليم هذه الرفات. هذه التهديدات تُنظر إليها على أنها مؤشر واضح على نية إسرائيل الجادة في منح الأولوية لهذه القضية، حتى لو كان ذلك على حساب تهديد الهدوء الهش.
من جانبها، تؤكد حركة حماس أن عملية تحديد مواقع هذه الرفات وانتشالها محفوفة بالتحديات الجسيمة. وتعزو حماس هذه الصعوبات إلى طبيعة المناطق التي يُعتقد وجود الرفات فيها، والتي تشمل غالباً أنفاقاً منهارة أو مناطق شديدة الخطورة وغير مستقرة. كما وتشدد على أن الوصول إلى هذه المواقع واستخراج الرفات بأمان يتطلب معدات ثقيلة وخبرة فنية متخصصة، وهي موارد لا تتوفر بسهولة في غزة بسبب الحصار المستمر والدمار الناجم عن الصراعات السابقة. علاوة على ذلك، ربطت حماس مراراً عودة الرفات بصفقة أوسع تتضمن تنازلات كبيرة من إسرائيل، مثل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، محولة بذلك القضية من مجرد اهتمام إنساني بحت إلى ورقة مساومة سياسية.
أهمية هذه التطورات
تحمل هذه الأزمة الراهنة بشأن الرفات تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة. فأي تصعيد عسكري محتمل يمكن أن يدفع غزة مجدداً إلى دوامة العنف، ما سيؤدي إلى المزيد من الخسائر البشرية وتدهور الأوضاع الإنسانية المتردية أصلاً في القطاع. بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، ترتبط قضية استعادة رفات الجنود ارتباطاً وثيقاً بالشرف الوطني والالتزام بعدم ترك أي جندي خلف الركب، مما يجعلها قضية سياسية وشعبية مؤثرة للغاية لأي حكومة.
- بالنسبة للفلسطينيين، تسلط هذه القضية الضوء على التكلفة البشرية المستمرة للصراع، حيث تسعى العديد من العائلات أيضاً لاستعادة رفات أحبائها والدفاع عن قضية الإفراج عن الأسرى.
- تؤكد لهجة الخطاب من كلا الجانبين على المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها الأزمة ومحدودية مجال التسوية دون وساطة خارجية.
- إذا تحولت هذه التهديدات إلى أفعال عسكرية، فلن يؤدي ذلك إلى إشعال الصراع من جديد فحسب، بل سيلحق أيضاً أضراراً جسيمة بأي آفاق للمصالحة طويلة الأمد أو حتى الهدن المؤقتة.
- طلب حماس لـ«معدات خاصة» يسلط الضوء أيضاً على التحديات البنيوية داخل غزة، ويمكن تفسيره كعقبة لوجستية حقيقية وكمناورة تكتيكية للضغط على إسرائيل.
هذه الأزمة بمثابة تذكير صارخ بمدى تحول القضايا الإنسانية والشخصية العميقة إلى نقاط اشتعال مركزية في الصراعات الجيوسياسية الأوسع.




