تصعيد تجاري بين واشنطن وأوتاوا: ترامب يوقف المفاوضات مع كندا بسبب حملة إعلانية
في خطوة عكست التوتر الشديد الذي ساد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا خلال عام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن وقف مفاجئ للمحادثات التجارية مع أوتاوا. جاء هذا القرار كرد فعل مباشر على حملة إعلانية تلفزيونية أطلقتها الحكومة الكندية في الولايات المتحدة، والتي كانت تهدف إلى تسليط الضوء على الآثار السلبية للرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الصلب والألومنيوم.

خلفية النزاع والرسوم الجمركية
تصاعدت التوترات التجارية بعد أن فرضت إدارة ترامب، في إطار سياستها "أمريكا أولاً"، رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على الألومنيوم من عدة دول، بما في ذلك حلفاء مقربون مثل كندا والمكسيك ودول الاتحاد الأوروبي. استندت الإدارة الأمريكية في قرارها إلى المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، معتبرة أن هذه الواردات تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي. قوبل هذا الإجراء برفض واسع النطاق، حيث اعتبرته كندا ودول أخرى إجراءً حمائيًا غير مبرر وينتهك قواعد التجارة الدولية، خاصة وأن البلدين يتمتعان بعلاقات اقتصادية وأمنية متكاملةอย่าง عميقة.
تزامن فرض هذه الرسوم مع مفاوضات حساسة وشاقة لإعادة صياغة اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، والتي أصر ترامب على تعديلها لصالح الولايات المتحدة. شكلت الرسوم الجمركية نقطة خلاف رئيسية، حيث رفضت كندا التنازل في المفاوضات تحت ضغط هذه التعريفات العقابية.
الحملة الإعلانية الكندية ورد الفعل الأمريكي
لمواجهة الضغوط الأمريكية وحشد الرأي العام الأمريكي ضد الرسوم الجمركية، أطلقت الحكومة الكندية حملة إعلامية استهدفت المشاهدين في الولايات المتحدة. ركزت الإعلانات على توضيح مدى ترابط الاقتصادين وكيف أن الرسوم الجمركية لا تضر كندا فحسب، بل تؤذي أيضًا العمال والشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة من خلال رفع التكاليف وتعطيل سلاسل التوريد المتكاملة.
وفقًا للتقارير الصادرة في ذلك الوقت، أثار هذا التحرك غضب الرئيس ترامب بشدة، الذي اعتبره تدخلاً سافرًا ومحاولة للتأثير على السياسة الداخلية الأمريكية. وفي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورد أن ترامب أبلغه بإنهاء المفاوضات التجارية ردًا على هذه الحملة، واصفًا إياها بأنها محاولة للتأثير على القرارات السيادية الأمريكية.
الأهمية والتداعيات على المفاوضات
أبرز هذا الحادث الطبيعة غير التقليدية والمتقلبة للمفاوضات في عهد ترامب، حيث أثرت الديناميكيات الشخصية وردود الفعل الآنية بشكل مباشر على مسار المحادثات التجارية التي تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات. أثار الوقف المؤقت للمفاوضات قلقًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية في كلا البلدين، خوفًا من انهيار المحادثات بالكامل وفشل التوصل إلى اتفاق جديد يحل محل "نافتا"، الأمر الذي كان من الممكن أن يلحق ضررًا اقتصاديًا جسيمًا.
- زيادة التوتر الدبلوماسي: عمّق الحادث الخلاف بين إدارتي ترامب وترودو، والذي كان واضحًا بالفعل في مناسبات سابقة.
- مخاطر اقتصادية: سلط الضوء على المخاطر التي تواجه الشركات التي تعتمد على التجارة الحرة بين البلدين.
- استئناف المحادثات: على الرغم من هذا التصعيد الحاد، لم يكن وقف المفاوضات دائمًا. استؤنفت المحادثات لاحقًا تحت ضغط المصالح الاقتصادية المشتركة والحاجة الماسة للتوصل إلى اتفاق.
في النهاية، وبالرغم من هذه العقبة وغيرها من الخلافات، تمكن المفاوضون من التوصل إلى اتفاق جديد عُرف باسم اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، والذي دخل حيز التنفيذ لاحقًا. ومع ذلك، يظل هذا الحادث مثالاً بارزًا على الأساليب التفاوضية الصدامية التي ميزت تلك الفترة في تاريخ العلاقات التجارية لأمريكا الشمالية.





