تضليل إعلامي: حقيقة فيديو "إعدام حماس لقتلة صالح الجعفراوي"
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية مقطع فيديو مثير للقلق، مصحوبًا بادعاءات تفيد بأنه يوثق لحظة قيام حركة حماس بتنفيذ حكم الإعدام بحق أشخاص متهمين بقتل الصحفي والناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي في قطاع غزة. إلا أن التحقق من هذه الادعاءات كشف أنها عارية تمامًا من الصحة، وأن القصة بأكملها تمثل حلقة جديدة في سلسلة حملات التضليل الإعلامي المتعلقة بالصراع في غزة.

تفاصيل الادعاء المتداول
بدأ تداول المقطع المصور بشكل واسع على منصات مثل "إكس" (تويتر سابقًا) و"تيك توك"، حيث أرفقته حسابات مختلفة بتعليقات تزعم أن الجعفراوي، وهو وجه إعلامي بارز اشتهر بتغطيته للأحداث من داخل غزة، قد تم اغتياله على يد "عملاء" أو "خونة". وأضافت هذه المنشورات أن الفيديو يظهر "القصاص العادل والسريع" الذي نفذته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بحق القتلة المزعومين. هدف هذا السرد إلى تصوير حماس على أنها تفرض سيطرتها الأمنية الصارمة في القطاع، بينما كان يهدف في الوقت نفسه إلى إثارة البلبلة حول مصير شخصية إعلامية معروفة.
الحقيقة الكاملة: الجعفراوي حي والفيديو قديم ومن سياق مختلف
خلافًا للشائعات المتداولة، فإن الصحفي صالح الجعفراوي على قيد الحياة ويواصل نشاطه الإعلامي وتغطياته من قطاع غزة. وقد ظهر الجعفراوي بنفسه في عدة مقاطع فيديو عبر حساباته الرسمية بعد انتشار هذه الشائعة، مؤكدًا أنه بخير ونافياً كل ما أُشيع عن مقتله. وتعتبر هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجعفراوي بحملات تشويه وتضليل منذ بدء تغطيته المكثفة للحرب.
أما بالنسبة للفيديو المستخدم في الادعاء، فقد كشفت وكالات تقصي الحقائق، بما في ذلك خدمة تقصي الحقائق لوكالة "فرانس برس"، أن المقطع قديم ولا علاقة له بالأحداث الجارية في غزة. وأظهر التحليل أن الفيديو منشور على الإنترنت منذ يوليو 2023 على الأقل، أي قبل أشهر من اندلاع الحرب الأخيرة. وتشير الأدلة إلى أن المقطع المصور يعود في الأصل إلى حادثة مرتبطة بنزاع عشائري في جنوب العراق، ويصور تصفية حسابات بين أطراف محلية هناك. وقد تم استغلال هذا المقطع بشكل متكرر في سياقات مضللة مختلفة حول العالم نظرًا لطبيعته العنيفة والمبهمة.
أهمية الخبر وسياق انتشاره
تندرج هذه الحادثة ضمن إطار الحرب الإعلامية الموازية للصراع العسكري، حيث يتم استخدام المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة كسلاح للتأثير على الرأي العام وزعزعة الثقة في المصادر الإعلامية الفلسطينية. ويُعد استهداف صحفيين ونشطاء مثل صالح الجعفراوي، الذين يقدمون رواية من قلب الحدث، تكتيكًا يهدف إلى تقويض مصداقيتهم وإثارة الشكوك حول تغطياتهم.
يؤكد الخبراء أن إعادة استخدام مقاطع فيديو قديمة وخارج سياقها الأصلي هي إحدى أبرز أدوات التضليل الرقمي. فمن خلال ربط مشاهد عنف قديمة بأحداث جارية، يسعى مروجو الشائعات إلى إثارة مشاعر قوية لدى الجمهور، مثل الغضب أو الخوف، ودفعهم إلى تصديق ومشاركة روايات كاذبة. وتبرز هذه الواقعة أهمية التحقق من مصادر الأخبار والمعلومات قبل تداولها، خاصة في أوقات الأزمات والحروب.





