تقرير يكشف: جيش الاحتلال يحول أطراف غزة لمكب نفايات بإلقاء مخلفات المستوطنات
كشف تقرير حديث عن ممارسات خطيرة يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتمثل في تحويل الأطراف الحدودية لقطاع غزة إلى مكب ضخم للنفايات. ووفقاً للتقرير، الذي صدر مؤخراً، يقوم الجيش بنقل كميات هائلة من المخلفات، بما في ذلك نفايات البناء والنفايات المنزلية، من المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بـ «غلاف غزة»، وإلقائها بشكل متعمد داخل الأراضي الفلسطينية المحاصرة، مما يفاقم الأوضاع البيئية والصحية المتردية أصلاً في القطاع.

خلفية الأزمة البيئية في غزة
يعاني قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، من أزمة بيئية خانقة تفاقمت على مر السنين بفعل الحصار المستمر والحروب المتكررة. البنية التحتية لإدارة النفايات في القطاع ضعيفة للغاية وتفتقر إلى الموارد اللازمة للتعامل مع الكميات المتزايدة من المخلفات الصلبة والسائلة. مكبات النفايات القائمة تعمل فوق طاقتها بكثير، مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة وتلوث التربة والمياه الجوفية. هذا الوضع يهدد الصحة العامة ويؤثر سلباً على جودة الحياة في منطقة مكتظة سكانياً وتفتقر إلى مساحات خضراء كافية.
تتضمن مستوطنات «غلاف غزة» المجتمعات الإسرائيلية الواقعة على مقربة شديدة من الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة. هذه المستوطنات، التي توسعت على مر السنين، تولد كميات كبيرة من النفايات التي تتطلب معالجة وإدارة فعالة. يشير التقرير إلى أن سهولة الوصول إلى أطراف غزة، إلى جانب غياب الرقابة البيئية الفعالة في هذه المناطق الحدودية، قد شجع على هذه الممارسات غير القانونية والضارة.
تطورات حديثة وتفاصيل التقرير
أفادت مصادر متابعة، استناداً إلى التقرير، أن عمليات إلقاء النفايات تتم بشكل شبه يومي في بعض المناطق الحدودية. وقد وثق التقرير عدة حالات شوهدت فيها آليات عسكرية إسرائيلية وشاحنات نقل وهي تفرغ حمولتها من النفايات داخل القطاع، خاصة في المناطق الشرقية المحاذية للسياج الأمني. تشمل المخلفات مواداً متنوعة بدءاً من الأنقاض ومخلفات البناء الناتجة عن مشاريع التوسع في المستوطنات، وصولاً إلى النفايات المنزلية التي تحوي مواد بلاستيكية وزجاجية وعضوية، مما يزيد من تعقيد المشكلة البيئية.
توضح الملاحظات الميدانية والشهادات التي جمعها التقرير أن هذه النفايات تُلقى في مناطق مفتوحة، بعضها قريب من الأراضي الزراعية والمناطق السكنية الفلسطينية، مما يشكل خطراً مباشراً على السكان والبيئة. كما أن عدم وجود أي فرز أو معالجة أولية لهذه المخلفات يعني أنها تتحلل بشكل عشوائي، مطلقة مواد كيميائية سامة وغازات ضارة في الهواء والتربة.
التداعيات الخطيرة
تدهور بيئي
- تلوث التربة والمياه الجوفية: تسرب العصارة الناتجة عن تحلل النفايات يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، التي تعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب والزراعة في غزة. هذا التلوث يهدد الأمن الغذائي والمائي للسكان.
 - تلوث الهواء: احتراق النفايات، سواء بشكل متعمد أو تلقائي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، يطلق غازات سامة وجسيمات معلقة في الهواء، مما يؤثر على جودة الهواء ويزيد من معدلات أمراض الجهاز التنفسي.
 - تدمير التنوع البيولوجي: تراكم النفايات يدمر الموائل الطبيعية ويؤثر سلباً على الحياة البرية، ويشوه المشهد الطبيعي للمناطق الحدودية.
 
مخاطر صحية
يشكل إلقاء النفايات بهذه الطريقة تهديداً صحياً جسيماً لسكان القطاع، خاصة الأطفال وكبار السن. تتضمن المخاطر:
- انتشار الأمراض: تتحول هذه المكبّات العشوائية إلى بؤر لتكاثر الحشرات والقوارض، التي تعد ناقلات رئيسية للأمراض المعدية مثل التيفوئيد والكوليرا والتهاب الكبد.
 - أمراض الجهاز التنفسي: استنشاق الهواء الملوث بالجسيمات الدقيقة والغازات السامة يزيد من خطر الإصابة بالربو والتهاب الشعب الهوائية وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي.
 - مشاكل جلدية وعصبية: التعرض المباشر للمواد الكيميائية في النفايات يمكن أن يسبب تهيجات جلدية ومشاكل صحية أخرى طويلة الأمد.
 
تأثيرات اجتماعية واقتصادية
تؤثر هذه الممارسات أيضاً على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لسكان غزة. فالمناطق الحدودية التي كانت تستخدم في الزراعة أو الرعي تتحول إلى مناطق غير صالحة للاستخدام، مما يحرم المزارعين والرعاة من مصادر دخلهم. كما أن المنظر البشع للنفايات يؤثر على الحالة النفسية للسكان الذين يعيشون بالقرب من هذه المناطق، ويزيد من شعورهم باليأس والإحباط في ظل الظروف الصعبة.
لماذا تهم هذه الأخبار؟
تكتسب هذه الأنباء أهمية بالغة لعدة أسباب. أولاً، هي تسلط الضوء على جانب آخر من جوانب المعاناة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث تتجاوز تأثيرات الاحتلال والحصار الجوانب العسكرية والاقتصادية لتمتد إلى البيئة والصحة العامة. ثانياً، تشكل هذه الممارسات انتهاكاً واضحاً للقوانين والمعاهدات الدولية التي تفرض على القوة المحتلة مسؤولية حماية البيئة والصحة العامة للسكان تحت الاحتلال. فهي تبرز إهمالاً صارخاً للالتزامات الدولية المتعلقة بحماية البيئة في مناطق النزاع والاحتلال.
علاوة على ذلك، يبرز التقرير كيف أن النزاعات المسلحة والاحتلال يمكن أن تترك ندوباً بيئية عميقة الأثر، لا تقل خطورة عن التدمير المادي. فالضرر البيئي يمتد لسنوات طويلة بعد انتهاء الصراعات، ويؤثر على الأجيال القادمة. الحاجة الملحة لحلول مستدامة لإدارة النفايات في غزة، والضغط الدولي لوقف هذه الممارسات، أصبحت ضرورة ملحة لحماية حياة وصحة سكان القطاع.
تختتم التقارير بدعوات للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والبيئية للتدخل والضغط على السلطات الإسرائيلية لوقف هذه الممارسات فوراً، والعمل على تقديم الدعم اللازم لقطاع غزة لمعالجة الأزمة البيئية المتفاقمة فيه، والتأكيد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني والقوانين البيئية في كافة الظروف.




