جدل حول فيديو يزعم إشادة ترامب برئيسة الوزراء الإيطالية في قمة القاهرة للسلام
أثير جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في أواخر عام 2023، عقب انتشار مقطع فيديو يزعم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أشاد برئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، خلال "قمة القاهرة للسلام" التي استضافتها مصر في مدينة شرم الشيخ. وقد تبيّن بعد التحقق من وكالات الأنباء ومنصات تدقيق الحقائق أن هذا الادعاء غير صحيح، وأن المقطع المتداول إما مفبرك أو مقتطع من سياق مختلف تمامًا.
سياق قمة القاهرة للسلام
عُقدت "قمة القاهرة للسلام" في أكتوبر 2023 بهدف مناقشة الأوضاع المتصاعدة في قطاع غزة والبحث عن سبل لخفض التصعيد وحماية المدنيين. شارك في القمة عدد كبير من قادة الدول ورؤساء الحكومات من المنطقة والعالم، من بينهم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إلى جانب قادة عرب بارزين. كان الهدف الأساسي للقمة هو التوصل إلى توافق دولي لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، مما يجعل الأجواء الدبلوماسية للحدث شديدة الجدية والتركيز على الأزمة الإنسانية والسياسية.
تحليل الادعاء وتفنيده
زعمت المنشورات المتداولة أن ترامب، بصفته مشاركًا في القمة، وجّه إطراءً لميلوني. إلا أن هذا الادعاء ينهار عند مراجعة الحقائق الأساسية للأحداث، وذلك لعدة أسباب جوهرية:
- غياب دونالد ترامب: لم يكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حاضرًا في قمة القاهرة للسلام. في ذلك الوقت، لم يكن يشغل أي منصب رسمي في الحكومة الأمريكية، وكانت الولايات المتحدة ممثلة في القمة بدبلوماسيين ومبعوثين خاصين، وليس على المستوى الرئاسي.
- مصدر الفيديو المضلل: أظهرت عمليات التحقق أن المقاطع المستخدمة لنشر هذا الخبر الكاذب كانت إما مأخوذة من أحداث أخرى لا علاقة لها بالقمة، أو تم التلاعب بها. في بعض الحالات، تم استخدام لقطات لاستقبال قادة آخرين لميلوني، مثل الرئيس الفرنسي ماكرون، مع إضافة تعليقات صوتية أو نصية مضللة.
- عدم وجود تغطية إعلامية موثوقة: لم تقم أي وسيلة إعلامية دولية أو إقليمية ذات مصداقية بتغطية هذا الحدث المزعوم، وهو ما يؤكد عدم وقوعه. فلو أن رئيسًا أمريكيًا سابقًا أدلى بمثل هذا التصريح في قمة دولية، لكان الخبر قد تصدر عناوين الصحف العالمية.
أهمية الخبر في سياق المعلومات المضللة
تكمن أهمية هذه الحادثة ليس في محتواها، بل في كونها مثالًا واضحًا على كيفية انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة في العصر الرقمي. غالبًا ما يتم استغلال الشخصيات السياسية المثيرة للجدل، مثل دونالد ترامب، لإنشاء محتوى قادر على جذب الانتباه وتحقيق انتشار واسع بغض النظر عن صحته. يسلط هذا الموقف الضوء على ضرورة اعتماد الجمهور على مصادر الأخبار الموثوقة وأهمية التحقق من المعلومات قبل مشاركتها، خاصة تلك التي تتعلق بأحداث سياسية ودبلوماسية حساسة. كما يعكس قدرة الأدوات الرقمية على إعادة توظيف المحتوى المرئي وإخراجه من سياقه الأصلي لخدمة روايات زائفة.





