جدل حول هوية جثة خليل دواس: إسرائيل تدعي أنه متعاون وحماس تؤكد أنه جندي
أثيرت حالة من الجدل الواسع في أوائل عام 2024 بعد أن أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) أن جثة تسلمتها إسرائيل ضمن صفقة تبادل لم تكن لجندي إسرائيلي كما كان متوقعًا، بل لفلسطيني يُدعى خليل دواس، والذي تزعم أنه كان متعاونًا مع أجهزتها الأمنية. هذا الإعلان أطلق معركة روايات مع حركة حماس التي نفت الادعاءات الإسرائيلية بشكل قاطع، مؤكدة أن الجثة تعود لجندي إسرائيلي قُتل في قطاع غزة.

الرواية الإسرائيلية: جثة لمتعاون فلسطيني
وفقًا للتقارير الإعلامية الإسرائيلية التي استندت إلى مصادر أمنية، فإن الجثة التي تم تسلمها هي لخليل دواس، وهو شاب فلسطيني من منطقة جنين بالضفة الغربية. وتدعي هذه المصادر أن دواس قُتل على يد فصائل فلسطينية في يوليو 2022 بتهمة التخابر مع إسرائيل. وبحسب الرواية، احتجزت إحدى الفصائل جثته بعد مقتله. الفرضية التي طرحها الجانب الإسرائيلي هي أن حركة حماس، أو فصيلًا آخر، تمكن من نقل الجثمان من الضفة الغربية إلى قطاع غزة لاستخدامه كورقة مساومة في أي صفقة تبادل مستقبلية، وتقديمه على أنه رفات جندي إسرائيلي. هذا الادعاء يهدف إلى تصوير الفصائل الفلسطينية على أنها تلجأ إلى الخداع في المفاوضات الحساسة.
رد حماس: نفي قاطع وتأكيد على هوية الجندي
في المقابل، أصدرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بيانًا نفت فيه بشكل كامل الرواية الإسرائيلية ووصفتها بأنها "محض أكاذيب وتضليل". وأكدت الكتائب أن الجثة التي سلمتها ضمن صفقة التبادل تعود لجندي إسرائيلي قُتل خلال اشتباك مسلح في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. اتهمت الحركة إسرائيل بمحاولة التنصل من استحقاقات الصفقة عبر اختلاق قصص وهمية. وترى حماس أن هذا الإعلان الإسرائيلي يندرج في إطار الحرب النفسية، ويهدف إلى إثارة البلبلة والتشكيك في مصداقية المقاومة، بالإضافة إلى التغطية على فشل أجهزة استخباراتها في تحديد هوية الجثة قبل إتمام عملية التسلم.
خلفية القضية وسياقها
تأتي هذه الحادثة في سياق مفاوضات معقدة وحساسة للغاية بشأن تبادل الأسرى والجثامين بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، والتي غالبًا ما تتم بوساطة أطراف ثالثة مثل مصر وقطر. وتعتبر قضية استعادة رفات الجنود الإسرائيليين مسألة ذات أولوية قصوى في المجتمع والسياسة الإسرائيلية، حيث تضع الدولة قيمة كبيرة على عدم ترك أي من جنودها في أيدي الخصم، سواء كانوا أحياءً أم أمواتًا. من جهة أخرى، تستخدم الفصائل الفلسطينية الجثامين كورقة ضغط قوية لإجبار إسرائيل على إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في سجونها، والذين تعتبرهم "مقاتلي حرية".
التداعيات والأهمية
تكمن أهمية هذا الجدل في أنه يعكس عمق انعدام الثقة بين الطرفين ويضيف طبقة جديدة من التعقيد على أي مفاوضات مستقبلية. فإذا صحت الرواية الإسرائيلية، فإن ذلك سيعتبر خرقًا كبيرًا لبروتوكولات التبادل وقد يدفع إسرائيل إلى تشديد إجراءات التحقق في أي صفقات قادمة. أما إذا كانت رواية حماس هي الصحيحة، فإن الادعاء الإسرائيلي يُنظر إليه كمحاولة للتلاعب بالرأي العام والتهرب من الاعتراف بفشلها في تحقيق أهدافها. في كلتا الحالتين، تبرز الحادثة كيف أن الحرب بين الطرفين لا تقتصر على الميدان العسكري فحسب، بل تمتد لتشمل حربًا إعلامية ونفسية شرسة، حيث يسعى كل طرف إلى تسجيل نقاط على الآخر وتقويض مصداقيته. وحتى الآن، تظل الحقيقة الكاملة حول هوية الجثة محل نزاع، مع تمسك كل طرف بروايته بشكل كامل.




