حماس تتمسك بالإفراج عن قادة بارزين بينهم مروان البرغوثي ضمن صفقة التبادل
مع استمرار الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يبرز مطلب رئيسي لحركة حماس قد يعرقل مسار المفاوضات، وهو إصرارها على إطلاق سراح عدد من القادة الفلسطينيين البارزين المحكوم عليهم بالسجن لمدد طويلة في السجون الإسرائيلية، وعلى رأسهم القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي.
خلفية المفاوضات الجارية
تأتي هذه التطورات في سياق جولات متعددة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، والتي تهدف إلى التوصل لهدنة مؤقتة أو دائمة تسمح بتبادل الأسرى والمحتجزين وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ورغم التقدم الذي تم الإعلان عنه في بعض النقاط ضمن ما عُرف بـ"إطار باريس"، لا تزال هناك فجوات كبيرة بين مواقف الطرفين، خاصة فيما يتعلق بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم.
ورقة القادة الكبار وأهميتها لحماس
تتمسك حماس بقائمة محددة من الأسرى الذين تعتبر الإفراج عنهم شرطًا أساسيًا لإتمام أي صفقة. هذه القائمة لا تقتصر على أسرى الحركة فقط، بل تشمل قادة من فصائل فلسطينية أخرى، مما يعكس رغبة الحركة في تقديم الصفقة كإنجاز وطني فلسطيني شامل. وتضم القائمة، وفقًا لمصادر متعددة، أسماء بارزة مثل:
- مروان البرغوثي: عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ويقضي خمسة أحكام بالسجن المؤبد.
- أحمد سعدات: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
- عبد الله البرغوثي: القيادي في كتائب القسام، والمحكوم بـ 67 مؤبدًا.
- أسماء أخرى من أصحاب الأحكام العالية ممن أمضوا عقودًا في السجون الإسرائيلية.
يشكل الإصرار على هذه الأسماء، وخصوصًا اسم مروان البرغوثي، ورقة ضغط سياسية قوية، حيث تسعى حماس من خلالها إلى تحقيق مكسب يتجاوز مجرد تبادل الأسرى، ليمتد إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني الداخلي.
من هو مروان البرغوثي ولماذا هو محوري؟
يُعتبر مروان البرغوثي (65 عامًا) أحد أبرز الشخصيات السياسية الفلسطينية وأكثرها شعبية. اعتُقل عام 2002 خلال الانتفاضة الثانية، وحكمت عليه محكمة إسرائيلية بخمسة أحكام بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بقيادة هجمات أسفرت عن مقتل إسرائيليين. على الرغم من انتمائه لحركة فتح، المنافس التقليدي لحماس، إلا أنه يحظى باحترام واسع في الشارع الفلسطيني وبين مختلف الفصائل، بما في ذلك حماس، لدوره النضالي ورؤيته الداعية للوحدة الوطنية. يُنظر إليه على نطاق واسع كخليفة محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتُظهر استطلاعات الرأي باستمرار أنه سيفوز بأي انتخابات رئاسية تُجرى. الإفراج عنه قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في القيادة الفلسطينية وقد يفتح الباب أمام مصالحة وطنية حقيقية.
الموقف الإسرائيلي والتحديات الداخلية
على الجانب الآخر، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا هائلة ومتناقضة. فمن ناحية، يطالب أهالي المحتجزين الإسرائيليين في غزة بالتوصل إلى صفقة بأي ثمن لإعادتهم، ومن ناحية أخرى، ترفض الأطراف اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحكومي بشدة فكرة الإفراج عن أسرى فلسطينيين متهمين بقتل إسرائيليين، وتصفهم بأنهم "أصحاب الأيادي الملطخة بالدماء". يُعد الإفراج عن شخصية بحجم وتأثير مروان البرغوثي خطًا أحمر بالنسبة للكثيرين في المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، خشية أن يؤدي ذلك إلى تقوية الفصائل الفلسطينية ومنحه دفعة سياسية هائلة قد تغير مسار الصراع. هذا المأزق الداخلي يعقد قدرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على اتخاذ قرار حاسم والموافقة على مطالب حماس.
تداعيات محتملة على مستقبل الصراع
يمثل ملف الأسرى الفلسطينيين البارزين، وعلى رأسهم البرغوثي، نقطة مفصلية في المفاوضات الحالية. فنجاح الصفقة مرتبط بقدرة الوسطاء على إيجاد صيغة مقبولة للطرفين، بينما قد يؤدي فشلها إلى انهيار المحادثات وتصعيد جديد في الصراع. إن الإفراج عن البرغوثي لن يكون مجرد عملية تبادل أسرى، بل حدثًا سياسيًا كبيرًا قد يعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ويؤثر على مستقبل السلطة الفلسطينية والعلاقة بين الفصائل، وهو ما تدركه كل الأطراف المعنية وتضعه في حساباتها المعقدة.





