حماس ترفض المشاركة في توقيع اتفاق غزة وتصف شرط إبعاد قادتها بـ"العبثي"
أعلنت حركة حماس عن موقفها الرافض للمشاركة في أي مراسم لتوقيع اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدةً في الوقت ذاته رفضها القاطع لأي مقترح يتضمن إبعاد قادتها من القطاع. وقد وصفت الحركة هذا الشرط، الذي تردد في الأوساط الدبلوماسية كجزء من صفقة شاملة لإنهاء الحرب، بأنه "عبثي" وغير قابل للنقاش، مما يبرز أحد أكبر العقبات التي تواجه جهود الوساطة الدولية المستمرة منذ أشهر.
تفاصيل الموقف والمقترح المرفوض
يأتي موقف الحركة ردًا على تقارير تفيد بأن إحدى صيغ الاتفاق التي طرحها الوسطاء تضمنت بندًا ينص على خروج عدد من كبار قادة حماس، مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف، من قطاع غزة إلى دولة أخرى كجزء من تسوية تنهي الصراع. ووفقًا لتصريحات منسوبة لمسؤولين في الحركة، فإن هذا الشرط يُعتبر محاولة لـ"نزع سلاح المقاومة" وتفريغ أي انتصار محتمل من مضمونه. شددت حماس على أن قادتها جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وباقون في أرضهم.
بالإضافة إلى رفض شرط الإبعاد، فإن إعلان عدم المشاركة في مراسم توقيع رسمية يحمل دلالات رمزية وسياسية مهمة. فهو يشير إلى أن الحركة لن تمنح شرعية لاتفاق لا يلبي مطالبها الأساسية، وعلى رأسها الوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار.
خلفية المفاوضات وسياقها
تستمر هذه المحادثات المعقدة في سياق الحرب التي اندلعت عقب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ومنذ ذلك الحين، تقود كل من مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة، جهودًا دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى هدنة تتيح تبادل الأسرى والمحتجزين وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. إلا أن المفاوضات اصطدمت مرارًا وتكرارًا بالتباين الكبير في أهداف الطرفين الرئيسيين.
فبينما تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهدافها المعلنة بتفكيك القدرات العسكرية والسياسية لحماس وضمان عودة جميع المحتجزين لديها، تتمسك حماس بضرورة الحصول على ضمانات دولية بإنهاء الحرب بشكل نهائي، وهو ما لم توافق عليه إسرائيل حتى الآن، التي تصر على احتفاظها بحق مواصلة عملياتها العسكرية لضمان أمنها.
أبعاد ودلالات الرفض
يعكس رفض حماس القاطع لمسألة إبعاد قادتها عمق الخلاف حول رؤية "اليوم التالي" للحرب في غزة. فهذا الموقف لا يمثل مجرد نقطة تفاوضية، بل يلامس جوهر بقاء الحركة كقوة سياسية وعسكرية فاعلة على الأرض. ويمكن تلخيص أبعاد هذا الرفض في عدة نقاط:
- تأكيد على السيادة الداخلية: تعتبر الحركة أن تحديد مصير قادتها شأن فلسطيني داخلي لا يخضع للإملاءات الخارجية أو لشروط الطرف الآخر في الصراع.
- الحفاظ على تماسك الحركة: يمثل بقاء القيادة في غزة رمزًا للاستمرارية والصمود، وإبعادها قد يُنظر إليه داخليًا على أنه هزيمة أو تخلٍ عن القضية.
- عقبة أمام الوسطاء: يضع هذا التصلب في المواقف تحديًا كبيرًا أمام الوسطاء، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن حلول إبداعية لتجاوز هذه النقطة الشائكة التي تهدد بنسف مسار المفاوضات بأكمله.
في الختام، يُظهر الموقف الأخير لحماس أن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب في غزة لا يزال طويلاً ومليئًا بالعقبات الجوهرية. وبينما تستمر الجهود الدبلوماسية في الكواليس، يبقى الخلاف حول مصير قيادة الحركة وشرط الوقف الدائم للحرب من أبرز النقاط التي تفصل بين استمرار الصراع والتوصل إلى سلام هش.





