حماس تسلم ردها للوسطاء حول مقترح وقف إطلاق النار في غزة
في تطور محوري للمساعي الدبلوماسية المستمرة لإنهاء الصراع في قطاع غزة، سلمت حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، خلال الأسبوع الجاري، ردها الرسمي للوسطاء القطريين والمصريين بشأن المقترح الأخير لوقف إطلاق النار. وأكدت مصادر من قطر ومصر استلام الرد، مشيرة إلى أن جهود الوساطة المكثفة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ستستمر إلى حين التوصل لاتفاق نهائي. ويأتي هذا الرد بعد أسابيع من المداولات عقب إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خريطة طريق من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب.
خلفية المقترح الدولي
يعتمد المقترح الحالي، الذي حظي بدعم مجلس الأمن الدولي عبر قرار صدر مؤخراً، على خطة من ثلاث مراحل تهدف إلى تحقيق وقف مستدام للأعمال العدائية. تتضمن المرحلة الأولى وقفاً فورياً وشاملاً لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، يتم خلالها انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة. وتشمل هذه المرحلة أيضاً إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، خاصة النساء وكبار السن والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كبير.
أما المرحلة الثانية، فتنص على التوصل إلى اتفاق لإنهاء دائم للأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين، والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. وتخصص المرحلة الثالثة والنهائية لبدء خطة إعادة إعمار كبرى في غزة، وإعادة رفات المحتجزين المتوفين إلى عائلاتهم.
موقف حماس وتعديلاتها المقترحة
بحسب مصادر مطلعة، فإن رد حماس والفصائل تضمن تعديلات على المقترح الأصلي، مع التأكيد على أولوية تحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع. وقد وصفت الحركة ردها بأنه يتسم بـ"الإيجابية" و"المسؤولية الوطنية"، مؤكدة أن مطالبها تهدف إلى ضمان إنهاء الحرب بشكل حقيقي وليس مجرد هدنة مؤقتة.
من أبرز التعديلات التي طلبتها الحركة، وفقاً للتقارير، ما يلي:
- تقديم ضمانات واضحة وملزمة من الوسطاء، وخاصة الولايات المتحدة، بأن إسرائيل ستلتزم بوقف إطلاق النار الدائم ولن تستأنف القتال بعد انتهاء المرحلة الأولى.
- وضع جدول زمني محدد وواضح لانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
- إعادة النظر في قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، لتشمل أسماء أسرى محكوم عليهم بالسجن لمدد طويلة.
- البدء الفوري في عملية إعادة الإعمار ورفع الحصار بالكامل عن القطاع دون قيود.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
عقب تسلم الرد، صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جولة له في المنطقة، بأن بعض التعديلات التي اقترحتها حماس "قابلة للتنفيذ"، بينما اعتبر أن بعضها الآخر "غير قابل للتنفيذ". وأكد بلينكن أن الولايات المتحدة والوسطاء الآخرين سيواصلون العمل لمحاولة "سد الفجوات" بين الطرفين. وألقى باللوم على حماس في عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن، مشدداً على أن المقترح المطروح حالياً يكاد يكون مطابقاً لما وافقت عليه الحركة في السابق.
من جانبها، لم تصدر إسرائيل رداً رسمياً مفصلاً على تعديلات حماس، لكن المسؤولين الإسرائيليين يواصلون التأكيد على أن الحرب لن تنتهي دون تحقيق أهدافها المعلنة، وعلى رأسها القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس. ويواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً سياسية داخلية من شركائه في الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف، الذين يهددون بالانسحاب من الحكومة في حال الموافقة على اتفاق يعتبرونه تنازلاً كبيراً.
أهمية المفاوضات ومستقبلها
تمثل هذه الجولة من المفاوضات منعطفاً حاسماً في مسار الحرب التي دخلت شهرها التاسع، مخلّفة أزمة إنسانية كارثية في غزة. ويعلق المجتمع الدولي آمالاً كبيرة على جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق ينهي معاناة المدنيين ويفتح الطريق أمام حل سياسي مستدام. ومع ذلك، لا تزال الفجوة كبيرة بين مطالب حماس بضمانات لإنهاء الحرب بشكل نهائي، وبين إصرار إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها. ويبقى نجاح هذه المفاوضات مرهوناً بمدى قدرة الوسطاء على إيجاد صيغة تفاهم مشتركة تلبي الحد الأدنى من مطالب الطرفين المتصارعين.




