حماس تطالب بضمانات دولية لإنهاء الحرب وتوجه رسالة لترامب والوسطاء
في تطور لافت ضمن جهود الوساطة المتعثرة لإنهاء الصراع في غزة، وجهت حركة حماس مؤخراً نداءً إلى الوسطاء الدوليين، وفي خطوة غير معتادة، إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مطالبةً بضمانات واضحة وملزمة بأن إسرائيل لن تستأنف عملياتها العسكرية بعد إتمام أي صفقة لتبادل الأسرى. يعكس هذا المطلب، الذي أصبح حجر الزاوية في موقف الحركة، انعدام الثقة العميق ويسلط الضوء على العقبة الرئيسية التي تحول دون التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار.

جوهر المطالب وشروط حماس
تتمحور مطالب حماس الأساسية حول الحصول على تعهد مكتوب وواضح بإنهاء الحرب بشكل كامل وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وتخشى الحركة أن توافق إسرائيل على هدنة مؤقتة تهدف فقط إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لديها، لتعود بعدها مباشرة إلى استئناف حملتها العسكرية بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية والسياسية. ولذلك، تشدد الحركة على أن أي اتفاق لا يتضمن ضمانات دولية، تقودها الولايات المتحدة، لوقف دائم للحرب هو أمر غير مقبول بالنسبة لها.
كان إدراج اسم الرئيس السابق دونالد ترامب في الرسالة مثيراً للاهتمام بشكل خاص. يرى محللون أن هذه الخطوة قد تكون تكتيكاً يهدف إلى ممارسة ضغط إضافي على إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، من خلال إظهار أن الحركة تبحث عن محاورين بديلين أو تحاول استغلال الانقسامات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. كما قد تعكس محاولة من حماس للتأثير على أي إدارة أمريكية مستقبلية محتملة، معتبرة أن ترامب قد يتبنى نهجاً مختلفاً في التعامل مع الصراع.
سياق مفاوضات وقف إطلاق النار
تأتي هذه المطالب في وقت وصلت فيه مفاوضات وقف إطلاق النار، التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، إلى طريق مسدود. ورغم تقديم الوسطاء عدة مقترحات، فإن الفجوة بين مواقف الطرفين لا تزال واسعة. النقاط الخلافية الرئيسية تشمل:
- طبيعة الهدنة: تصر حماس على وقف دائم لإطلاق النار، بينما تعرض إسرائيل هدنة مؤقتة ومرحلية قد يتبعها استئناف للقتال.
 - الانسحاب الإسرائيلي: تطالب الحركة بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تسعى للاحتفاظ بوجود أمني في مناطق معينة.
 - إعادة الإعمار وكسر الحصار: تربط حماس أي اتفاق ببدء عملية إعادة إعمار شاملة ورفع الحصار المفروض على غزة بشكل كامل.
 
وقد قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً ما وصفه بـ "خارطة طريق" إسرائيلية لإنهاء الحرب على ثلاث مراحل، تبدأ بهدنة مؤقتة وتنتهي بوقف دائم للأعمال العدائية. ورغم أن الولايات المتحدة أكدت أن المقترح إسرائيلي، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته لم يعلنوا موافقتهم الصريحة عليه، مشددين على أن الحرب لن تنتهي دون تحقيق أهدافها، وعلى رأسها القضاء على حماس.
الموقف الإسرائيلي وردود الفعل
من جانبها، تواصل إسرائيل التأكيد على أن أهدافها الحربية غير قابلة للتفاوض. وقد صرح مسؤولون إسرائيليون في مناسبات عدة بأن أي وقف لإطلاق النار يترك حماس في السلطة بغزة هو أمر مرفوض. ترى الحكومة الإسرائيلية أن الضغط العسكري هو الوسيلة الوحيدة لإجبار حماس على إطلاق سراح الرهائن وتفكيك بنيتها التحتية. وبالتالي، فإن مطالب حماس بضمانات لإنهاء الحرب تتعارض بشكل مباشر مع الأهداف المعلنة لإسرائيل، مما يجعل التوصل إلى تسوية أمراً بالغ الصعوبة.
على الصعيد الدولي، تتزايد الضغوط على الطرفين للتوصل إلى اتفاق. وتعمل دول الوساطة، وخاصة قطر ومصر، بلا كلل لتقريب وجهات النظر، لكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل انعدام الثقة وتعارض الأهداف. إن مطالبة حماس بضمانات دولية تضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، للعب دور أكثر فاعلية في توفير هذه الضمانات إذا كان هناك أمل في إنهاء الصراع.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يكشف هذا التطور الأخير عن مدى تعقيد المشهد واستمرار حالة الجمود. إن إصرار حماس على ضمانات دولية ليس مجرد تكتيك تفاوضي، بل يعكس قناعتها بأن إسرائيل لن تلتزم بأي اتفاق دون وجود ضامن قوي. من ناحية أخرى، فإن إشراك شخصية مثل ترامب في المعادلة يضيف بُعداً سياسياً جديداً قد يؤثر على ديناميكيات التفاوض. في المحصلة، يبقى مصير ملايين المدنيين في غزة معلقاً بمدى قدرة الوسطاء على بناء جسور الثقة وتقديم صيغة مقبولة لطرفين يرى كل منهما أن وجوده على المحك.




