خلاف حول صفقة الغاز مع مصر يدفع وزير الطاقة الأمريكي لإلغاء زيارته لإسرائيل
في تطور دبلوماسي لافت، تم إلغاء الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن يقوم بها وزير الطاقة الأمريكي إلى إسرائيل، وذلك في أعقاب رفض نظيره الإسرائيلي إعطاء الموافقة النهائية على اتفاقية استراتيجية لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر. جاء الإلغاء المفاجئ ليسلط الضوء على توترات كامنة وخلافات حول إدارة موارد الطاقة في منطقة شرق المتوسط، مما أثار تساؤلات حول مستقبل التعاون الإقليمي في هذا القطاع الحيوي.

التطورات الرئيسية
أكدت مصادر رسمية أن زيارة وزير الطاقة الأمريكي، التي كانت تهدف إلى تعزيز الشراكة في مجال الطاقة وبحث سبل دعم أمن الطاقة الأوروبي، قد أُلغيت قبل موعدها المقرر بوقت قصير. السبب المباشر الذي تم إعلانه هو قرار وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بعدم التوقيع على المصادقة النهائية اللازمة لدخول اتفاقية تصدير الغاز مع مصر حيز التنفيذ. كانت هذه الاتفاقية تعد تتويجًا لمفاوضات طويلة ومعقدة شاركت فيها أطراف دولية وشركات طاقة كبرى، وكان من المتوقع أن تزيد بشكل كبير من كميات الغاز الإسرائيلي المصدرة عبر البنية التحتية المصرية.
خلفية اتفاق الغاز وأهميته الاستراتيجية
تعتبر اتفاقيات الغاز بين إسرائيل ومصر حجر الزاوية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين منذ اكتشاف حقول غاز ضخمة قبالة السواحل الإسرائيلية. تعتمد الخطة على نقل الغاز الإسرائيلي المستخرج من حقول مثل لوثيان وتمار عبر خطوط أنابيب إلى مصر، حيث يتم تسييله في محطتي إدكو ودمياط قبل إعادة تصديره إلى الأسواق العالمية، وخاصة أوروبا التي تسعى جاهدة لتنويع مصادر إمداداتها بعيدًا عن الغاز الروسي.
- لإسرائيل: تمثل هذه الصفقات مصدرًا مهمًا للإيرادات الحكومية وتعزز مكانتها كلاعب إقليمي في مجال الطاقة، بالإضافة إلى كونها أداة لتعميق العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها.
- لمصر: تساهم الاتفاقية في ترسيخ دور مصر كمركز إقليمي للطاقة، حيث تستفيد من رسوم العبور والتشغيل لمحطات الإسالة، وتلبي جزءًا من الطلب المحلي المتزايد على الطاقة.
- للولايات المتحدة وأوروبا: يُنظر إلى المشروع على أنه جزء أساسي من استراتيجية أمن الطاقة الغربية، حيث يوفر بديلاً حيويًا ومستقرًا للإمدادات القادمة من روسيا، وهو ما اكتسب أهمية قصوى في ظل التوترات الجيوسياسية الأخيرة.
أسباب محتملة لرفض المصادقة
على الرغم من عدم صدور بيان تفصيلي يشرح أسباب الرفض، يشير محللون إلى عدة عوامل قد تكون وراء قرار الوزير الإسرائيلي. من بين هذه العوامل احتمالية وجود ضغوط سياسية داخلية من أطراف في الائتلاف الحكومي ترى أن شروط الصفقة ليست في صالح إسرائيل بشكل كامل، أو تطالب بإعطاء الأولوية لتأمين احتياجات السوق المحلي على المدى الطويل قبل التوسع في التصدير. كما لا يمكن استبعاد وجود خلافات حول الجوانب المالية والتشغيلية للصفقة، مثل آلية التسعير أو جداول التسليم، والتي ربما رأى الوزير أنها بحاجة إلى إعادة تفاوض لتحقيق مكاسب أفضل لإسرائيل.
التداعيات المحتملة وتأثيرها على المنطقة
يحمل إلغاء الزيارة وتجميد الاتفاقية تداعيات تتجاوز مجرد العلاقات الثنائية. على الصعيد الدبلوماسي، يُعد ذلك مؤشرًا على وجود خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي كانت داعمًا رئيسيًا للمشروع. اقتصاديًا، يضع القرار شركات الطاقة المستثمرة في حقول الغاز الإسرائيلية في موقف صعب، وقد يؤثر على ثقة المستثمرين في المشاريع المستقبلية. أما على المستوى الإقليمي، فإن أي تأخير أو فشل في تنفيذ الاتفاقية قد يعرقل خطط منتدى غاز شرق المتوسط الطموحة لتحويل المنطقة إلى مركز طاقة عالمي موثوق. يبقى الوضع معلقًا في انتظار ما ستسفر عنه الجهود الدبلوماسية خلف الكواليس لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف ويعيد المشروع إلى مساره الصحيح.





