خلافات ترامب الدبلوماسية: قائمة أبرز الزعماء الذين واجههم
تميزت فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة بأسلوب دبلوماسي غير تقليدي، قائم على المواجهة المباشرة والتصريحات العلنية الحادة التي استهدفت حلفاء وخصومًا على حد سواء. وقد أدى هذا النهج، الذي عُرف بسياسة "أمريكا أولاً"، إلى إعادة تشكيل العلاقات الدولية وخلق حالة من التوتر المستمر مع العديد من قادة العالم، بدءًا من النزاعات التجارية وانتهاءً بالخلافات حول الاتفاقيات الدولية الكبرى.

مواجهات مع الحلفاء التقليديين
لم تقتصر خلافات ترامب على الدول المنافسة، بل امتدت لتشمل أقرب حلفاء واشنطن. كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من بين أبرز القادة الذين اصطدموا معه بشكل متكرر. تركزت الخلافات حول مطالبة ترامب برفع ألمانيا إنفاقها الدفاعي ضمن حلف الناتو إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وانتقاده الشديد للميزان التجاري الذي يميل لصالح برلين، بالإضافة إلى معارضته لمشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع روسيا، معتبراً أنه يجعل أوروبا رهينة للطاقة الروسية.
ولم تكن العلاقة مع الجارة كندا أفضل حالاً، حيث دخل ترامب في سجال علني مع رئيس الوزراء جاستن ترودو. بلغت التوترات ذروتها خلال قمة مجموعة السبع في عام 2018، حين وصف ترامب ترودو بأنه "غير أمين وضعيف" عبر تغريدة على تويتر، وذلك بعد تصريحات أدلى بها الأخير حول الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألومنيوم. كما كانت مفاوضات استبدال اتفاقية "نافتا" باتفاقية "USMCA" مصدراً رئيسياً للاحتكاك بين البلدين.
وفي فرنسا، تحولت العلاقة الودية الأولية مع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى خلافات واضحة حول قضايا جوهرية. انتقد ترامب بشدة وصف ماكرون لحلف الناتو بأنه يعاني من "موت دماغي"، وانسحب من اتفاق باريس للمناخ الذي دافع عنه ماكرون بقوة. كما نشأت خلافات حول الملف النووي الإيراني والضرائب الرقمية التي فرضتها فرنسا على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.
تصعيد مع الخصوم والأنظمة المنافسة
كانت الصين على رأس قائمة الدول التي واجهها ترامب، حيث أطلق حربًا تجارية واسعة النطاق ضد بكين. فرضت إدارته رسومًا جمركية على مئات المليارات من الدولارات من السلع الصينية، متهمًا حكومة الرئيس شي جين بينغ بممارسات تجارية غير عادلة وسرقة الملكية الفكرية. ورغم التوصل إلى اتفاق تجاري مرحلي، ظلت العلاقات متوترة للغاية.
أما مع إيران، فقد اتخذ ترامب مساراً تصعيدياً بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) في عام 2018. أعادت إدارته فرض عقوبات اقتصادية قاسية بهدف ممارسة "أقصى ضغط" على طهران، مما أدى إلى تصاعد التوتر في منطقة الخليج وبلغ ذروته مع اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني مطلع عام 2020.
وفي فنزويلا، رفضت إدارة ترامب الاعتراف بشرعية الرئيس نيكولاس مادورو، واعتبرت زعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا مؤقتًا. فُرضت عقوبات شديدة على قطاع النفط الفنزويلي وشخصيات بارزة في النظام، في محاولة لإجبار مادورو على التنحي عن السلطة، وهو ما أدى إلى قطيعة دبلوماسية كاملة بين البلدين.
وكانت العلاقة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون الأكثر تقلباً، حيث تراوحت بين التهديدات بـ "النار والغضب" وتبادل الإهانات الشخصية، وصولاً إلى عقد ثلاث قمم تاريخية. ورغم اللقاءات غير المسبوقة، لم يتم إحراز تقدم ملموس في ملف نزع السلاح النووي، وظلت العلاقة محفوفة بالغموض.
الأثر على الدبلوماسية العالمية
اعتمد ترامب بشكل كبير على منصة تويتر كأداة رئيسية لإعلان قرارات السياسة الخارجية وتوجيه الانتقادات للقادة، متجاوزاً بذلك القنوات الدبلوماسية التقليدية. أدى هذا الأسلوب إلى خلق حالة من عدم اليقين لدى الحلفاء، وشجع الخصوم على اختبار حدود النفوذ الأمريكي. لقد تركت هذه المواجهات المتعددة بصمة واضحة على النظام العالمي، وأثارت تساؤلات حول مستقبل التحالفات ودور الولايات المتحدة كقوة قيادية في المشهد الدولي.





