خلفيات إلغاء قمة محتملة بين ترامب وبوتين لمناقشة حرب أوكرانيا
خلال الفترة الماضية، تداولت تقارير إعلامية أنباءً عن جهود لعقد لقاء بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست، بهدف مناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا. ورغم أن هذه الأنباء أثارت اهتمامًا واسعًا، إلا أن القمة المقترحة لم تتحقق، وسط تضارب في المواقف وتعقيدات سياسية حالت دون انعقادها.

خلفية الاقتراح ودور المجر
جاءت فكرة عقد القمة بشكل أساسي من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي سعى مرارًا إلى وضع بلاده كوسيط محتمل لإنهاء النزاع. وتستند هذه المساعي إلى علاقات أوربان الجيدة نسبيًا مع موسكو، وموقفه المتميز داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وبدء مفاوضات السلام، وهو موقف يختلف عن النهج السائد في معظم الدول الغربية الداعم لأوكرانيا عسكريًا حتى تحقيق النصر.
ارتبط الاقتراح أيضًا بتصريحات ترامب المتكررة بأنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا "في غضون 24 ساعة" إذا عاد إلى الرئاسة. وقد استغل أوربان هذه التصريحات للترويج لفكرة أن وجود ترامب في المفاوضات قد يغير مسار الصراع، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن ليست مهتمة بإنهاء الحرب دبلوماسيًا.
أسباب عدم انعقاد القمة
رغم الترويج الإعلامي للفكرة، اصطدمت القمة المقترحة بالعديد من العقبات الجوهرية التي جعلت من انعقادها أمرًا غير واقعي في الوقت الراهن. ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسية في النقاط التالية:
- الصفة الرسمية لترامب: لا يشغل دونالد ترامب أي منصب رسمي في الحكومة الأمريكية، وبالتالي لا يملك الصلاحية للتفاوض باسم الولايات المتحدة. أي لقاء يعقده مع بوتين سيكون ذا طابع شخصي وغير ملزم للإدارة الحالية أو المستقبلية.
- موقف الإدارة الأمريكية الحالية: تتبنى إدارة الرئيس جو بايدن سياسة واضحة تقوم على دعم أوكرانيا عسكريًا ودبلوماسيًا، وتؤكد أن أي مفاوضات سلام يجب أن تتم وفقًا لشروط كييف. وترى واشنطن أن عقد مثل هذا اللقاء قد يقوض الجهود الدولية الموحدة لعزل روسيا ويمنح بوتين شرعية دبلوماسية.
- شروط الطرفين: لم تظهر روسيا أي استعداد لتقديم تنازلات جوهرية، وتصر على الاعتراف بسيطرتها على الأراضي الأوكرانية التي ضمتها. في المقابل، ترفض أوكرانيا التفاوض قبل انسحاب القوات الروسية بالكامل من أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
الأهمية والسياق السياسي
على الرغم من أن اللقاء لم يتم، فإن الحديث عنه يكشف عن أبعاد مهمة في المشهد السياسي الدولي. فهو يسلط الضوء على الانقسامات العميقة داخل المعسكر الغربي حول كيفية التعامل مع الحرب في أوكرانيا. فبينما تدعم أغلبية الدول نهج الضغط العسكري والاقتصادي على روسيا، يمثل موقف المجر، مدعومًا بخطاب شخصيات مثل ترامب، تيارًا يدعو إلى التسوية السريعة حتى لو كانت بشروط غير مثالية لأوكرانيا.
كما يعكس هذا الحدث استراتيجية ترامب السياسية في تقديم نفسه كصانع سلام قادر على حل الأزمات الدولية المعقدة، وهو ما يستخدمه في حملاته الانتخابية. وفي الوقت نفسه، يوضح محاولات روسيا لاستغلال أي انقسام في الموقف الغربي لتعزيز موقفها التفاوضي وإضعاف الدعم الدولي لأوكرانيا. وبذلك، يبقى مقترح قمة بودابست مثالًا على الديناميكيات المعقدة التي تشكل مستقبل الصراع الأوكراني والعلاقات بين القوى الكبرى.





