دبلوماسي أمريكي يشدد: المرحلة الثانية من اتفاق غزة حاسمة وتستلزم انخراطًا أمريكيًا كاملًا
في ظل الجهود الدبلوماسية المكثفة لإنهاء الصراع في قطاع غزة، تبرز أهمية المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار المقترح باعتبارها العقبة والمفتاح في آن واحد للوصول إلى هدوء مستدام. ويؤكد مراقبون ودبلوماسيون، بمن فيهم مسؤولون أمريكيون، أن الانتقال إلى هذه المرحلة يتطلب ضمانات والتزامًا كاملاً من واشنطن، نظرًا لكونها النقطة الأكثر تعقيدًا في المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية.

خلفية المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار
طرح الرئيس الأمريكي جو بايدن في أواخر شهر مايو 2024 الخطوط العريضة لخارطة طريق مكونة من ثلاث مراحل، مؤكدًا أنها تستند إلى مقترح إسرائيلي. حظي هذا المقترح بدعم دولي واسع، وتُوِّج بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب حماس بقبوله ويدعو الطرفين لتنفيذه بالكامل. تنص المرحلة الأولى على وقف فوري لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية.
المرحلة الثانية: النقطة المحورية في المفاوضات
تعتبر المرحلة الثانية هي الجوهر الحقيقي لأي اتفاق دائم، وهي السبب الرئيسي للتعثر الحالي في المحادثات. تشمل هذه المرحلة ما يلي:
- التفاوض على إنهاء دائم للأعمال العدائية بين الطرفين.
- إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود.
- الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جميع أنحاء قطاع غزة.
يكمن الخلاف الجوهري في تفسير هذه المرحلة. تصر حركة حماس على الحصول على ضمانات واضحة وصريحة بأن المرحلة الثانية ستؤدي إلى وقف دائم للحرب وانسحاب إسرائيلي شامل، وهو ما قدمته ضمن تعديلاتها على المقترح. في المقابل، تتحفظ إسرائيل على الالتزام بإنهاء الحرب بشكل كامل قبل تحقيق أهدافها المعلنة، وعلى رأسها القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية.
الدور الأمريكي المحوري والتحديات القائمة
يشير التأكيد على ضرورة "الانخراط الكامل لواشنطن" إلى أن الثقة بين الطرفين منعدمة تمامًا، ولا يمكن التوصل إلى اتفاق حول المرحلة الثانية دون وجود ضامن قوي. يُنتظر من الولايات المتحدة تقديم ضمانات ملموسة لكل طرف؛ ضمانات أمنية لإسرائيل، وضمانات لحماس بأن وقف إطلاق النار سيصبح دائمًا وأن الانسحاب سيتم بالكامل. وصرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جولاته الأخيرة في المنطقة، بأن واشنطن تعمل على سد الفجوات بين الطرفين، إلا أن بعض المطالب التي قدمتها حماس اعتبرها "غير قابلة للتنفيذ"، مما يعكس حجم التحديات التي لا تزال قائمة.
التطورات الأخيرة ومستقبل الاتفاق
في الأيام الأخيرة، سلمت حركة حماس ردها الرسمي على المقترح للوسطاء في قطر ومصر، متضمنًا تعديلات تركز بشكل أساسي على جداول زمنية للوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي. بينما يدرس الوسطاء هذا الرد، تستمر العمليات العسكرية على الأرض، مما يضع ضغوطًا هائلة على المفاوضات. إن نجاح الجهود الدبلوماسية في تجاوز عقبات المرحلة الثانية لن ينهي الأزمة الإنسانية في غزة فحسب، بل سيفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول مستقبل القطاع وإعادة إعماره، بالإضافة إلى إحياء مسار حل الدولتين الذي تراه الإدارة الأمريكية السبيل الوحيد لتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.




