دمشق تنفي تقارير عن طلب فاروق الشرع من موسكو تسليم الرئيس الأسد
نفت وزارة الخارجية السورية بشكل قاطع في أكتوبر 2015 صحة التقارير الإعلامية التي زعمت أن نائب الرئيس السوري السابق، فاروق الشرع، قد تواصل مع مسؤولين روسيين طالباً منهم المساعدة في تنحية الرئيس بشار الأسد عن السلطة كجزء من تسوية سياسية محتملة. وجاء النفي الرسمي رداً على تصريحات أثارت جدلاً واسعاً صدرت عن رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشق، رياض حجاب، والتي شكلت محور اهتمام إعلامي في وقت حاسم من عمر الأزمة السورية.
أصل الادعاءات ومصدرها
ظهرت هذه المزاعم للمرة الأولى في مقابلة صحفية أجراها رياض حجاب، الذي انشق عن الحكومة السورية في عام 2012 وأصبح شخصية بارزة في المعارضة. وادعى حجاب أن فاروق الشرع، الذي كان معزولاً سياسياً في دمشق، قد اقترح على الجانب الروسي خطة لتسوية النزاع. وبحسب حجاب، كانت الخطة تتضمن النقاط التالية:
- تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة ومغادرته البلاد.
- تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة لإدارة شؤون الدولة.
- اضطلاع فاروق الشرع بدور قيادي في المرحلة الانتقالية كشخصية مقبولة من أطراف مختلفة.
ووفقاً لرواية حجاب، تم تقديم هذا المقترح بالتزامن مع بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، مما أضفى على الادعاءات أهمية خاصة نظراً لدور موسكو المحوري كحليف استراتيجي لدمشق.
رد الفعل الرسمي السوري
كان رد دمشق الرسمي سريعاً وحاسماً. أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بياناً وصفت فيه هذه التصريحات بأنها "أخبار كاذبة وعارية تماماً من الصحة". وأكد المصدر الرسمي أن هذه الادعاءات تندرج ضمن حملة "التضليل الإعلامي" التي تهدف إلى بث الفرقة وزعزعة الموقف السوري، خاصة في ظل الانتصارات التي كان يحققها الجيش السوري بدعم من الحلفاء. واعتبرت الحكومة السورية أن ترويج مثل هذه الشائعات يهدف إلى التأثير سلباً على الرأي العام وتشويه الحقائق على الأرض.
السياق والخلفية السياسية
لفهم أبعاد هذا الخبر، من الضروري النظر إلى السياق الزمني والسياسي. ففي خريف 2015، كانت الأزمة السورية عند منعطف حاسم، حيث غير التدخل العسكري الروسي موازين القوى بشكل كبير لصالح الحكومة السورية. في هذا الوقت، كانت الجهود الدبلوماسية تبحث عن حلول سياسية، وكان مستقبل الرئيس الأسد هو النقطة الأكثر جدلاً في أي مفاوضات.
أما فاروق الشرع، وهو شخصية سياسية مخضرمة شغل منصب وزير الخارجية لعقود قبل أن يصبح نائباً للرئيس، فقد بدأ بالابتعاد عن الأضواء منذ عام 2012. وكان يُنظر إليه من قبل بعض الدوائر الدولية والإقليمية على أنه شخصية يمكن أن تلعب دوراً في أي حل سياسي، نظراً لمواقفه التي وصفت بالمعتدلة مقارنة بالخط المتشدد داخل القيادة السورية. وقد أدى غيابه عن المشهد العام إلى انتشار تكهنات عديدة حول وضعه وموقفه مما يجري.
الموقف الروسي وأهمية الخبر
من جانبها، لم تعلق موسكو رسمياً على صحة وجود مثل هذا التواصل مع الشرع. وظل الموقف الرسمي الروسي ثابتاً في دعمه للحكومة السورية ورفضه لأي حلول خارجية تفرض على الشعب السوري. وأكدت روسيا مراراً أن مستقبل القيادة السورية يقرره السوريون بأنفسهم عبر صناديق الاقتراع.
تكمن أهمية هذه الواقعة في أنها سلطت الضوء على الانقسامات المحتملة داخل بنية النظام السوري، حتى وإن كانت على مستوى التكهنات. كما عكست محاولات أطراف المعارضة استغلال أي خلافات مفترضة للتأثير على العلاقة الاستراتيجية بين دمشق وموسكو. وفي نهاية المطاف، بقيت هذه الادعاءات في إطار التصريحات الإعلامية التي لم يتم إثباتها، لكنها شكلت فصلاً مهماً في الحرب الإعلامية والنفسية التي رافقت النزاع العسكري على الأرض.





